المغرب – مدار 24 | في نسخته الأولى، استقبل مهرجان كازابلانكا الدولي للشعر أربعين اسماً لامعاً في سماء الشعر والنقد، قادمين من أربع قارات، لتتلاقى أصواتهم الشعرية المتنوعة عبر لغات عديدة : العربية، الإنجليزية، الإسبانية، الإندونيسية، الهولندية، والهندية.
هذه التظاهرة الثقافية، التي بادر بتنظيمها مركز الأنوار للتنمية الترابية، حملت اسم الشاعر المغربي الراحل “محمد عنيبة الحمري”، عرفاناً بإسهاماته كرائد من رواد الشعر الحديث في المغرب، والذي رحل عن عالمنا مؤخراً. وقد أكد رئيس المركز الدكتور “عادل أكرير” على الأهمية التي يوليها المهرجان لتعزيز التواصل الثقافي بين المغرب والعالم.
• قراءات شعرية وندوات معمقة تجمع ثقافات متنوعة
شهد المهرجان مشاركة واسعة لشعراء ونقاد ومترجمين وإعلاميين من المغرب والسعودية وأميركا وهولندا والعراق ومصر والبيرو وسوريا والإمارات العربية المتحدة وتونس والهند وإندونيسيا. وقد شهدت فعالياته حضور أسماء مثل إدريس عيسى، ولبنى المانوزي، وعمر العسري، ومحمد بوجبيري، ومحمد عزيز الحصيني، وإيمان الخطابي، ومحمد عابد، وإدريس علوش، وفدوى الزياني، وصباح الدبي، وأمين زكَنون، ومحمد موتنا، وحفيظة الفارسي، ودامي عم، والزبير خياط، ورشيد الخديري، وأبوبكر لمليتي من المغرب، وعلي الحازمي من السعودية، ومروان علي من سوريا، ومحمد الأمين الكرخي، وشعلان شريف من العراق، ورضوان العجرودي من تونس، ومريم الزرعوني من الإمارات، بالإضافة إلى جورج والاس من أميركا، وسونيت ماندل من الهند، وأمين كميل من إندونيسيا، وريك فان بوكيل من هولندا، وكارينا مانون من البيرو.

وقد سعى المهرجان، من خلال محوره النقدي وما تضمنه من قراءات تفاعلية، إلى إيجاد مساحة للحوار بين ثقافات العالم المختلفة، مع التركيز على استكشاف آخر التطورات في الكتابة الشعرية على مستوى المضامين والتقنيات في عدد من دول العالم، مع إيلاء اهتمام خاص لإشكالية ترجمة الشعر. كما عمل على إبراز الخصوصية الشعرية المغربية وتقريب الآخر من التجارب الشعرية المعاصرة في المغرب، التي يقودها شعراء من مختلف الأجيال يسعون إلى تفاعل حيوي مع ثقافات العالم مع الحفاظ على هويتهم. وقد احتضنت فعاليات المهرجان فندق موغادور ومسرح بوجميع وبعض المؤسسات التعليمية.
في سياق النقاشات النقدية، استضاف المهرجان ندوة دولية حول ترجمة الشعر، حيث تناول المترجم العراقي شعلان شريف حضور الشعر الهولندي في العالم العربي، مؤكداً على ضرورة مواكبته. كما ناقش المترجم محسن بني سعيد مسؤولية المترجم ومساحات التأويل المتاحة له. وتناولت ندوة أخرى الشاعر الراحل محمد عنيبة الحمري بمشاركة الكاتب والناقد السينمائي حسن نرايس والروائي أنيس الرافعي والقاص والشاعر سعيد منتسب.

• انفتاح على الطلاب واستكشاف المدينة كجزء من التلاقح الثقافي
لم تقتصر فعاليات المهرجان على القاعات المغلقة، بل امتدت لتشمل المؤسسات التعليمية، حيث أتيحت الفرصة لضيوف المهرجان للتفاعل مع الطلاب وتنظيم ورش عمل حول قراءة وكتابة الشعر وأهمية الترجمة.
وقد خصصت إدارة المهرجان أربعة أيام للقراءات والندوات والورش، ويومين لبرنامج تضمن جولات استكشافية لضيوف المهرجان للتعرف على معالم الدار البيضاء وتاريخها وثقافتها، وذلك بهدف إثراء التبادل الثقافي تمهيداً لإعداد كتاب جماعي يضم قصائد عن كازابلانكا بست لغات يكتبها الشعراء المشاركون.

• رؤى حول الترجمة ومستقبل المهرجان
من خلال الندوة الخاصة بالترجمة، قدم المشاركون رؤى معمقة حول هذه العملية الحيوية. فقد ناقش جورج والاس المسافة اللغوية في ترجمة الشعر، بينما استعرضت مريم الزرعوني تاريخ ترجمة الشعر في التراث العربي. وأكدت الزرعوني أن ترجمة الشعر ليست مجرد نقل للكلمات، بل هي عملية تأويلية وإبداعية.
وفي تصريح خاص، أشار رئيس المهرجان عبدالرحمن شكيب إلى أن الدورة الحالية سعت لتعريف الجمهور بتجارب شعرية متنوعة عبر الترجمة، مؤكداً على الأثر الذي أحدثته النقاشات المصاحبة. وأضاف أن الدورة المقبلة ستشهد مشاركة أوسع وستخصص ندوة لحضور الدار البيضاء في الشعر، مع التوجه نحو تفاعل أكبر مع الفضاءات العامة وتجارب الأداء الشعري.
من جهته، أكد المدير الفني للمهرجان محمد الأمين الكرخي أن هذه التظاهرة شكلت فرصة للقاء ثري بين الأصوات الشعرية المختلفة، مشيراً إلى أن المهرجان يهدف إلى منح مساحة للشعريات المهمشة وإثراء الحوار الثقافي.
