مخاوف بشأن حرية التعبير في فرنسا || محاكمة مفكر بتهمة “الدفاع عن الإرهاب”

متابعة | مدار 24

مدار 24 | وكالات :

في تطور يثير جدلاً واسعًا حول حدود حرية التعبير في فرنسا، من المقرر أن يمثل المفكر والخبير الفرنسي في الإسلام السياسي، فرانسوا بورغا، أمام المحكمة الجنائية في مدينة آكس أون بروفانس (جنوب شرق البلاد) يوم 24 أبريل/نيسان الجاري. إذ يواجه بورغا تهمة “الدفاع عن الإرهاب”، على خلفية إعادة نشره بيانًا صحفيًا صادرًا عن حركة حماس عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا) في يناير/كانون الثاني 2024، مصحوبًا بتعليق أعرب فيه عن “احترامه وتقديره لقادة حماس أكثر من قادة إسرائيل”.

وقد أثارت تغريدة بورغا موجة من الانتقادات الحادة والمطالبات بفرض عقوبات عليه. وفي يوليو/تموز الماضي، قامت الشرطة الفرنسية باحتجاز خبير السياسة المعروف لمدة سبع ساعات قبل إطلاق سراحه، وذلك بناءً على شكوى تقدمت بها المنظمة اليهودية الأوروبية بسبب التغريدة نفسها.

وعند سؤاله عن الاتهام الموجه إليه، استهجن فرانسوا بورغا الأمر بسخرية قائلاً: “لقد لخصت نكتة أحد الأصدقاء أفكاري، قال فيها: في هذه الأيام، إذا لم يتم اتهامك بتأييد الإرهاب، فإنك أهدرت حياتك!”.

وتجدر الإشارة إلى أن بورغا ليس الشخصية البارزة الوحيدة في فرنسا التي تواجه اتهامات مماثلة. فقد سبق أن وُجهت اتهامات مماثلة لزعيمة اليسار الفرنسي، ماتيلد بانو، والنائبة الفلسطينية في البرلمان الأوروبي، ريما حسن.

وفي هذا السياق، أعربت أوليفيا زيمور، رئيسة منظمة “أورو-فلسطين”، عن غضبها الشديد إزاء ما وصفته بـ “الأمر المثير للصدمة” الذي يمثل “وسيلة لتشجيع الإبادة الجماعية في غزة”. وأكدت زيمور في حديث للجزيرة نت على “حقهم في دعم مقاومة الفلسطينيين”، مشيرة إلى أن “إسرائيل -على عكس ما يقوله زعماؤنا- ليس لديها الحق في الدفاع عن نفسها، وحتى على مستوى القانون الدولي، فإن المقاومة المسلحة مشروعة”.

كما انتقدت زيمور ما اعتبرته “تجاهل الحكومة الفرنسية للإبادة الجماعية” و”عدم إدانتها لـ 3250 جنديًا فرنسيًا يرتكبون جرائم ضد الإنسانية داخل الجيش الإسرائيلي”، في حين تقوم بملاحقة “الأشخاص الذين يظهرون دعمهم للمقاومة أو للشعب الفلسطيني”. وأضافت: “لأنه يكفي أن نقول مقاومة أو كلمة فلسطين في فرنسا، حتى يتم قمعنا بشكل مباشر”.

من جانبه، أعرب فرانسوا بورغا، المدير السابق للأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي ومؤلف أعمال مرجعية حول العالم الإسلامي، عن استنكاره “للصمت شبه الكامل” الذي تبديه المؤسسات الجامعية والبحثية حتى الآن، معتبرًا ذلك “إشارة سيئة للغاية في هذا التوقيت”.

وتأتي هذه الدعوى القضائية في أعقاب شكوى تقدمت بها المنظمة اليهودية الأوروبية، وهي جمعية فرنسية معروفة بمناهضتها للأصوات المنتقدة لسياسات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، وذلك تحت ستار “مكافحة معاداة السامية ومعاداة الصهيونية، وملاحقة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل”.

وفي بيان مشترك، أعلنت عدة منظمات حقوقية عن “تضامنها الكامل” مع الأكاديمي والباحث الفرنسي، مندّدة بما وصفته بـ “الاضطهاد القضائي” الذي يتعارض مع التزامات الحكومة الفرنسية في مجال حقوق الإنسان وفقًا للقانون الدولي.

هذه القضية تثير تساؤلات جوهرية حول التوازن بين حرية التعبير ومكافحة الإرهاب، وتضع فرنسا في قلب نقاش دولي حول كيفية التعامل مع الآراء المنتقدة للسياسات الإسرائيلية في ظل تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط.

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.