عشرُ قصائدٍ للشاعرِ الأمريكي جورج والاس
ترجمة وتقديم : شروق حمود _ شاعرة ومترجمة سورية
الشاعر الأمريكي جورج والاس، من مواليد مدينة نيويورك عام 1949م، يقيم والاس في مسقط رأس الشاعر والت ويتمان، له أكثر من 40 كتابًا صغيرًا في الشعر، وكان موسيقيا في الستينيات ومسافر متجول حيث عاش الشاعر خمسة أعوام في المملكة المتحدة و تضمنت جولاته السفر عبر تركيا وإيران وأفغانستان وباكستان وشمال الهند. حصد والاس أرقى الجوائز الدولية بالإضافة إلى مشاركته في المهرجانات الأدبية في السنوات الأخيرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا وفي العديد من مدن آسيا وجنوب ووسط أمريكا.
تتمحور كتابات والاس حول الوعي الإنساني العالمي، حيث يمزج في شعره بين الموسيقى والتأثيرات السريالية التي اكتسبها من دراسته للشعر في أوروبا وأمريكا الجنوبية في القرن العشرين. ويركز في قصائده على تاريخ وثقافة وأدب منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك المجتمعات اليونانية والبلقانية والمشرقية.
شارك والاس في الكثير من المهرجانات الدولية العالية المستوى، مثل مهرجان Beat Poetry (الولايات المتحدة)، ومهرجان Ledbury (المملكة المتحدة)، وDitet e Naimit(مقدونيا الشمالية)، ومهرجان Orpheus (بلوفديف(ومهرجان Korca (AL)، وجائزة Alexander ( سالومينا) وبينالي بياتشينزا (إيطاليا)، ومهرجان توريالبا للشعر ، ومهرجان بواو للشعر، ومهرجان شعر طريق الحرير (كاليفورنيا).
بدأت مهنة والاس في النشر بشكل جدي عند عودته إلى لونغ آيلاند، بدءًا من أول كتاب صغير له في عام 1988 وبلغت ذروتها بإجمالي 40 كتابًا منشورًا حتى كتابة هذه السطور. في لونغ آيلاند، أثبت والاس جدارته كمنظم للشعر الإقليمي في وقت مبكر، حيث تواصل مع العديد من مجتمعات الكتابة المعزولة وأنشأ أماكن للأداء والنشر. وحصل على لقب الشاعر الأول لمقاطعة سوفولك في عام 2003، ولقب كاتب مقيم في مسقط رأس والت ويتمان في عام 2011.
على مدار العقدين الماضيين، أصبح والاس شخصية تأسيسية في مشهد فن الأداء في وسط مدينة نيويورك (حيث شغل منصب مساعد بروفيسور في الكتابة في جامعة بيس، المحرر المشارك لـ Great Weather for Media، محرر( NYC FROM THE INSIDE)، واستضاف العديد من الفعاليات الشعرية الهامة؛ واستخدم منصبه في مدينة نيويورك كمنصة لإطلاق شبكة من مجتمعات الكتاب المقيمين في الولايات المتحدة، بما في ذلك وودستوك/هدسون فالي، نورثهامبتون/ لويل ما، سانت أوغسطين فلوريدا، سان أنطونيو تكساس، أوكلاهوما، كليفلاند، كانساس سيتي، ألبوكيرك، سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس.
____________________________________
• هذه هي الجنة كما نعرفها
ماذا لو أن التفاح لا يزال تفاحًا ، والثعابين لا تزال ثعابينا ،
ماذا لو ما زلنا جميعًا نعيش في الجنة ؛
ماذا لو كانت حواء في صيف عمرها ،
تجري مع الظباء ، بفخذيها المطواعين اليقظين ،
بوجهها الأسمر؛
ماذا لو لم يضطر أحد أن يزحف على بطنه
ليكفّر عن جرائم من صنع الخيال؛
بينما ،عاريآ من كلّ لوم، يستلقي آدم في بستان الكمثرى الناضجة ،
معجبآ بتبختر حواء ،
بطريقة ضوء المساء في الوصول إلى عدن
على متن أجنحة صامتة تذكّره بملاطفات الحب
دون إغراء أو خجل
طائر يعتريه الفضول ،
يغني مع الأشجار أغنيةً بلا كلمات
أغنية عن الإله والصيف وضوء الشمس في الشلال
أغنية بسيطة ، تتحدث عن أن الكمثرى تناسب حجم كف آدم كما تناسب بمثالية يد حواء
أغنية عن الكمثرى بعصيرها وهو يدفق سخيآ
على ذقنه، على يديه وصدره ،
كما لو كانت مصممة لذلك ،
أغنية تغني كيف أننا جميعآ
نصفا فاكهة واحدة
تتدلّى من شجرة الجنة.
• كأس بيكاسو
هو كل شيء كنا نؤمن به ذات يوم ،
جامدًا مثل اللوح الذي نجلس عليه ،
متأكدآ من رأيه ،
مثل ناقد فني يسترق النظر عبر ثقب مفتاح نيابة عن البرجوازية الصغيرة التي يمثلها ،
يزم شفتيه الرفيعتين الزرقاوين ، موشكآ أن يشرح ما يراه بالضبط.
كأس بيكاسو الأبيض
صلبُ مثل إطار سيارة
مسطحٌ مثل حمارٍ هولندي
وأكثر تعجرفآ منه مرتين.
هذه هي باريس في ذروة الإمبراطورية الفرنسية
مغطاة بموزة خضراء كبيرة لم تنضج بعد،
ترقد متثاقلة مثل كل أفريقيا في غسق مونبارناس الرهيب.
• مرتبكًا، في الجنة
كسرتُ عظمة
أخذت غطسة
سقطت قليلآ
قدت سيارتي إلى كاليفورنيا
في حالة سكرٍ على الحرية
حصلت على مخالفة سرعة
تعرضت لحادث صغير
– حدث كل هذا على الطريق السريع المخصص للبشر –
اللعنة ، قلت للضابط الذي وصل إلى مكان الحادث
لا تتصرف بحزن وإحباط في كل شيء
خلقت هذه الأرض من أجلي وأجلك
لا تزعج سلة التفاح بقلقك ،
فنحن أفضل المواطنين الملائكة الفارغين من الهموم،
جنة هي الأرض
جنة الأضواء الخضراء والأمزجة الحلوة
فإن كنا عرضة للحوادث العرضية والانحرافات المفاجئة
حسنآ،
دعكَ من ذلك.
• كاليفورنيا
اكتمال القمر: لم تغني كاليفورنيا أبداً
غناءً بهذه الحلاوة ، غناء داكنآ كهذا ، جميلًا كهذا ،
غناء خامًا كهذا ،
أمامنا نحن الأوروبيين
أقبلت نحو أسفل بيت المزرعة وأسلاك الهاتف ، في أعماق الوهد الجاف ،
بين أشجار الميرمية والأوكالبتوس ، حيث
ينمو عنب النبيذ أرجوانيًا وسميكًا في كروم جيراني السرية،
حيث تزحف أفاعي الجلجلة حرة ،
وتغني لها الأم الذئبة،
تغني لستة أطفال جائعين أغنيتها الرائعة عن القتل
تحت مظلة من النجوم.
• الآن نحن متزوجان
أحيانًا
في وقت متأخر من الليل
أسمع الشوك في الدرج
يبكي بهدوء:
“واحد منا ليس هنا “
• زهور أتيكا البرية
الفضول قتل القطة
هذا ما قاله سقراط
ثم ظل يتفلسف قائلآ:
إذا استسلمتُ يومآ
وفهرستُ أرواح الأغنياء والملعونين ،
أطلقوا النار عليّ ؛
لا يعنيني
إن أقبلَ الجحيم أو جاءت المياه العالية
ولا الستة وعشرون نكهة من الشوكران*.
قبل أن أشرب من كأس السم
سأرفع الفلوت الفضي
وأعلم زهور أتيكا البرية الرقص.
• أنا مِن
أنا من الموتى
لست واحدآ منهم
أنا من الأبجدية
لست الكلمة المكتوبة
الرتبة الفاحشة في التاريخ ليست وجهتي
أنا من المستقبل
العرف هو السماد الذي منه أزهر
لا خطط العمل.
لأغنيتي أنا المكوّن الخام
بذرتي هي إبداعي في بداياتي.
تبآ لك ولقراراتك المسبقة
أنا ابن المسار الذي أختاره
رجل لا ذكرى
رجل متواضع الغنى،
لا عبدآ للماضي
سأزهر وأنتشر في الاتجاهات الأربعة
لا مدّ أو جزر
لا جحيم الكتاب المقدس
ولا العشيرة دفة تقودني
أو تحدد مكان توقفي
مات الماضي!
ولتحيا زنابق الحقل!
فاقرأ كل ما تريد عنها
في قصيدتي.
• الهروب العظيم
يزحف الوقت من تحت صخرة ،
حشرة ترتدي قرون استشعار سوداء وأجنحة مدرّعة براقة ،
في جعبتها كثير من الحكايات عن الانفجارات البركانية ، عن شبه الانقراض ،عن قرون متطاولة من الزمن
لا يحدث فيها أي شيء يذكر.
لكن أهل الحاضر الذين يضعون أفضل سماعاتهم التكنولوجية و يستقلون أفضل سياراتهم الحديثة ، محصنون من كلام الزمن ،
وعاجزون عن فهم إيماءات الحشرات البرية
رغم أنهم حشرات أيضآ.
• مثل عصفور يشكّ في المطر
إذا لم تستطع آذاننا أن تميز بين المسدس واليد
لن نعرف يومآ
مسار الألم.
إذا لم تتفق أعيننا على المسافات،
سوف لن نعرف أبدًا
كم يبعد النمر عن بابنا.
هذه هي ظروفنا
أنت امراة..أنا رجل.
نشك في بعضنا البعض طوال اليوم ،
مثلما يشك العصفور في المطر.
أحيانآ تمتد يداي لتلمسانك
مثل أمة تعيش حربآ مع نفسها.
بخلاف ذلك ، نختلف أنا وأنت
إلى حدّ كبير حول كل شيء
وهذا ما يجعلنا مفيدَين لبعضنا البعض.
• مغادرًا أمريكا
أنا رجلٌ فارغ القلب
كل ما أعرفه عن الرب
لفة من الكتان،
بوليصة شحن
وإيمان أصابه العمى.
كل ما أعرفه عن البلد
هي المصابيح الأمامية
والعملات الأجنبية
كل ما أعرفه عن الحرية
نقاط التفتيش
والمعابر الحدودية.
أنا رجل فارغ القلب
كل ما أعرفه عن الوطن
يخنة الطاهي،
دفن الأيتام الصغار في البحر
كلُّ في صف واحد
وهذا الجليد في عروقك!
كل ما أعرفه عن الحب
هو شبح ابتسامتك،
المنفى بين ذراعيك،
سفن الشحن وهي تدخل ثم تخرج
من المرفأ
جميع محطات الاتصال
كل المسافات
وحبك الذي لم يعد يحركني.
