بعد إن قرر ترامب تغيير تسمية الخليج من الفارسي الى العربي رد وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي على هذا القرار بالقول ان هذه الدوافع تشير الى نية عدائية ضد ايران وشعبها، وقالت الحكومة الإيرانية أن الذين يسعون لتغيير اسم “الخليج الفارسي” لم يفهموا تاريخ إيران الممتد لألاف السنين.
فما هي قصة الخليج الفارسي؟ ولماذا تحاول إدارة ترامب تغيير اسمه في الوقت الذي تجري فيه واشنطن مفاوضات الاتفاق النووي مع طهران بوساطة عمان؟
في ولايته السابقة، امر ترامب في يناير 2017 بتغيير اسم “خليج المكسيك” إلى “الخليج الامريكي” في اطار حملته الواسعة التي تهدف الى تعزيز النفوذ الأمريكي على العالم تحت شعار “امريكا اولا”.
وبحسب الدستور الأميركي، فان الرئيس الاميركي له صلاحية إصدار توجيهات بشأن الأسماء المستخدمة في الوثائق الرسمية، مما يعني أن القرار – إن تم – لن يُغيّر الوضع على المستوى الدولي، لكنّه يمنح التسمية العربية طابعًا رسميًا داخل الولايات المتحدة.
ان اسم “الخليج الفارسي” مستخدم تاريخيًا منذ القرن السادس عشر في الأدبيات الغربية والخرائط الرسمية، وان العالم العربي يعتمد منذ عقود تسمية ” الخليج العربي”، مما يعكس البعد السياسي لهذا الخلاف، ويرى الإيرانيون أن التسمية الصحيحة والمؤكدة للخليج هي “الخليج الفارسي”.
يحاول ترامب أن يعيد فتح واحد من الملفات الحساسة التي بامكانها ان تستفز الحكومة الايرانية كورقة ضغط في اطار العلاقات بين الولايات المتحدة الاميركية وايران والعالم العربي.
لقد اطُلقت على الخليج العربي أسماء عديدة عبر التاريخ كان أقدمها “بحر أرض الآله” التسمية التي تعود إلى الألف الثانية قبل الميلاد، وعُرف لدى السومريين والأكديين بأسماء عدة منها “بحر الشروق الكبير”، و “البحر الأسفل”، و”النهر المر”، و”بحر بلادالكلدانيين” حسب ما جاء في كتب التاريخ القديم.
وسماه بعض الكُتاب اليونانيون والرومانيون “البحر الأرثيري / الأحمر” لأنهم اعتبروه جزءاً من بحر العرب الذي اُطلق عليه اسم البحر الأحمر. كمل قد اطلق عليه المؤرخ الروماني بيلينيوس الأصغر اسم “الخليج العربي” وكذلك سماه بطليموس المؤرخ الإغريقي 150 ق.م ب”خليج ميسان” على اسم مملكة ميسان العربية الواقعة في الأحواز في شمال الخليج العربي.
وعُرف أيضاً بمسمى “بحر فارس” وأول من أطلق هذه التسمية هو نيارخوس قائد أسطول الإسكندر الأكبر عام 325 ق.م لأنه سار بمحاذاة الساحل الفارسي ولم يدرك أن هناك ساحلاً آخر. وسماه الجغرافيون الفرس خليج العراق في القرن الرابع الهجري.
اما في عهد الدولة العثمانية فقد سماه العرب خليج البصرة وأيضاً حمل عدة أسماء استخدمها العرب منها خليج عمان، خليجالبحرين أو خليج القطيف لأن هذه المدن كانت تتخذه منطلقاً للسفن التي تبحر عبابه وتسيطر على مياهه، ويعود اسم بحر البصرة إلى فترة الفتح الإسلامي.
وانحصرت تسميته حالياً على مسميين رئيسيين هما الخليج العربي والخليج الفارسي. تستخدم تسمية الخليج العربي رسمياً من قبل دول الجامعة العربية، وجميع البلدان العربية والمنظمات العربية، كما تستخدمه الأمم المتحدة في محاضر مؤتمراتها ومراسلاتها وفي وثائقها العربية والجمعيات الجغرافية والعربية. أما التسمية الأخرى الخليج الفارسي نسبة إلى بلاد فارس “إيران حاليا” فتستخدم عالمياً، ويعتقد الايرانيون انها التسمية الصحيحة والحقيقية للخليج.
وتشهد على ذلك بعض الوثائق التاريخية المحفوظة في متحف اللوفر بفرنسا، التي تعود إلى ما يقارب من الخمسة وعشرين قرناً. التي ورد فيها تسمية الخليج بالفارسي، وبشكل عام، استمرت تسمية الخليج بالفارسي عقب استيلاء العرب المسلمين على الأراضي الفارسية في القرن السابع الميلادي. ولم يجد المسلمون عندها بأساً في ذلك الاسم، خصوصاً أن الإسلام تغلغل في بلاد فارس.
وبالعودة إلى مصادر التراث العربي والإسلامي ففي القرن العاشر الميلادي كتب ابن خرداذبة في كتابه “المسالك والممالك” يصف فيه نهر دجلة متابعا وصوله إلى البصرة فيقول: “ثم يصب الجميع إلى بحر فارس” وكتب المسعودي في كتابه “مروج الذهب ومعادن الجوهر” عن الخليج وسماه بحر فارس. وكتب المطهر بن طاهر المقدسي في كتابه “البدء والتاريخ” عن الخليج فقال: “ويسمون بحر فارس الخليج الفارسي” وقال ياقوت الحموي في كتاب “معجم البلدان” أن “بحر فارِسَ: هو شعبة من بحر الهند الأعظم، واسمه بالفارسية كما ذكره حمزة: زراه كامسير، وحدّه من التّيز من نواحي مكران على سواحل بحر فارس إلى عبّادان، وهو فوه دجلة التي تصبّ فيه…”.
وتميل معظم الآراء إلى أن استخدام تسمية الخليج العربي بشكل ثابت وقع في العصور الحديثة. ويذكر البعض أن السياسي البريطاني تشارلز بلغريف كان أول غربي يستخدم اسم الخليج العربي في مجلة صوت البحرين سنة 1955م، وذلك إبان فترة توليه وظيفة مستشار حاكم البحرين.
