أسوأ وأضعف قمة عربية || بغداد تفشل في لمّ الشمل وتعمّق الانقسامات

متابعة | مدار 24

في مشهد يعكس حال التشرذم العربي، اختتمت قمة بغداد أعمالها مؤخرًا لتُوصَف من قبل مراقبين بـ”أضعف قمة” فيما ذهب سياسيون عراقيون لوصفها بـ”أسوأ قمة” في تاريخ جامعة الدول العربية. هذا الوصف القاسي يأتي على خلفية غياب لافت لعدد كبير من الرؤساء والملوك العرب، ما أثار علامات استفهام حول جدوى مثل هذه التجمعات التي لطالما انتهت دون نتائج سياسية ملموسة تخدم المصالح العربية المشتركة، مكتفية بإهدار الوقت والميزانيات الضخمة.

غياب القادة لم يكن الحدث الوحيد الذي ألقى بظلاله على القمة. فقد سبقتها زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج، والتي يُعتقد أنها استأثرت باهتمام قادة المنطقة. كما أن إلغاء اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله بين العراق والكويت، وما أثارته من جدل وتصعيد للخطاب، يُضاف إلى قائمة الأسباب المحتملة لعزوف قادة مجلس التعاون الخليجي عن الحضور.

إلى ذلك، برز النفوذ الإيراني كعامل مؤثر، حيث سبقت القمة زيارة لقائد فيلق القدس الجنرال إسماعيل قآني إلى العراق، وهو ما اعتبره البعض رسالة واضحة حول حجم التأثير الإيراني في البلاد، وتساؤلات حول مدى سيادة القرار السياسي لحكومة السوداني التي كانت تأمل في استعادة العراق لدوره المؤثر إقليميًا.

وعلى صعيد القضايا الملحة في المنطقة، اكتفت القمة في بيانها الختامي بمطالبة المجتمع الدولي بـ”الضغط من أجل وقف إراقة الدماء” في قطاع غزة، وحث القادة العرب المجتمع الدولي، وخاصة الدول ذات النفوذ، على تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية لضمان إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة.

ورغم التطلعات بأن تخرج القمة بآليات عمل واضحة للتعامل مع التحديات الإقليمية المتعددة، بدءًا بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي مرورًا بأزمات سوريا ولبنان والسودان واليمن وليبيا، لم تسفر الاجتماعات سوى عن بيانات ختامية عامة تفتقر إلى أي التزامات حقيقية أو رؤية موحدة لمستقبل المنطقة، وعجزت عن تقديم حلول ملموسة للأزمات المتفاقمة.

هذه المعطيات تؤكد، بحسب مراقبين، أن جامعة الدول العربية باتت عاجزة عن تحقيق الأهداف المرجوة منها. ويثور التساؤل حول إمكانية تجاوز المنظمات الإقليمية لهذه الانقسامات العميقة، أم أن قمة بغداد “الأسوأ” لم تكن سوى مؤشر على مزيد من الشلل العربي. ولا يمكن فصل هذا الفشل عن التأثيرات الخارجية والتدخلات الإقليمية التي تعصف بالمنطقة.

ويبدو أن القادة العرب الذين تغيبوا عن القمة وأرسلوا وفودًا متدنية المستوى للتثيل قد اتفقوا ضمنيًا على أنه إذا كان العراق نفسه عاجزًا عن توحيد قراره السياسي، فكيف يمكن لبغداد أن تحتضن القرار العربي المشترك؟

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.