عادت السياسة الهولندية لتتصدر عناوين الأخبار، وهذه المرة بسبب تهديدات زعيم حزب الحرية اليميني المتطرف، خيرت فيلدرز، بإسقاط الحكومة. ففي مؤتمر صحفي مفاجئ استمر لساعتين، وجه فيلدرز مطالب صارمة لمجلس الوزراء، تركزت بشكل أساسي على قضية اللجوء، مطالباً بتجميد كامل للجوء وإغلاق الحدود، وهدد بالانسحاب من الحكومة إذا لم يتم تنفيذ مطالبه خلال أسابيع قليلة.
لا شك أن تهديدات فيلدرز ليست جديدة، فقد سبق له أن هدد بإسقاط الحكومات بسبب سياسات اللجوء. ولكن هذه المرة، يأتي تهديده في ظل تراجع شعبيته، وهو ما يراه بعض المحللين محاولة يائسة لتغطية فشل وزيرة اللجوء والهجرة التابعة لحزبه في تحقيق أي تقدم ملموس في حل أزمة اللاجئين.
ردود الفعل على تهديدات فيلدرز لم تكن إيجابية. فقد عبر رؤساء الأحزاب في مجلس النواب عن عدم قناعتهم بمؤتمره الصحفي، مؤكدين أنه لا مجال للتفاوض مرة أخرى حول بنود تشكيل الحكومة. وطالبوا فيلدرز بالتركيز على حل مشاكل وزارته بدلاً من إلقاء اللوم على الآخرين.
رئيس الوزراء، السيد سخوف، اكتفى برد مقتضب، مطالباً فيلدرز بتقديم توضيحات حول خططه بشأن اللجوء. بينما طالب أغلبية أعضاء مجلس النواب وزيرة اللجوء والهجرة بتقديم إجراءات واضحة وصارمة، بما في ذلك وقف لم شمل الأسر، وإيقاف النقل المجاني لطالبي اللجوء، وترحيل المجرمين والأوكرانيين، وخفض تكاليف إيواء اللاجئين.
هنا يبرز سؤال مهم: هل يتبع فيلدرز استراتيجية سياسية ذكية، أم أنه يلجأ إلى أساليب شعبوية يائسة؟ يرى البعض أن فيلدرز يحاول وضع الأحزاب الأخرى في موقف دفاعي، وإظهار نفسه كبطل شعبي يدافع عن مصالح الهولنديين. ولكن آخرين يرون أنه يستخدم أساليب هجومية لتغطية فشله، وإلقاء اللوم على الآخرين.
الواقع أن أفعال فيلدرز تثير تساؤلات حول دوافعه الحقيقية. فهل هو حقاً مهتم بحل أزمة اللاجئين، أم أنه يسعى فقط إلى تحقيق مكاسب سياسية؟ وهل تهديداته بإسقاط الحكومة مجرد تكتيك سياسي، أم أنها تعكس يأسًا حقيقيًا؟
بغض النظر عن الدوافع، فإن تصرفات فيلدرز تثير قلقًا بشأن مستقبل السياسة الهولندية. فهل ستنجح استراتيجيته في تحقيق أهدافه، أم أنها ستؤدي إلى مزيد من الانقسام وعدم الاستقرار؟
أخيرًا، لا يمكن تجاهل البعد الدولي لهذه القضية. فسياسات الأحزاب اليمينية المتطرفة، التي تهدف إلى طرد الأجانب والمسلمين، قد تكون مدفوعة بتدخلات خارجية تسعى إلى زعزعة استقرار المنطقة. وإعادة اللاجئين قسراً إلى بلدانهم قد يؤدي إلى خلق حالة من عدم الاستقرار في كل من الدول المانحة للجوء والدول التي فر منها هؤلاء اللاجئون بسبب الحروب.
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل سينجح فيلدرز في تحقيق أهدافه، أم أن تهديداته ستنقلب عليه؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة.
