• في نهر النيل
سأدخلُ في ملكوتكَ، يا نهرُ يا نهرُ
كطفلٍ مقمّطٍ في سَفَط
أحلم بأميرةٍ فرعونية،
ووصيفاتٍ بضّات
شعورهنّ إلى الركبة
أحلم بابهة أجسادٍ تترجرج
تفوح بالنعمة واللذة
يتراشقْن الماءَ ويتدغدغْن في الأحواض البلّورية
يقفْنَ عاريات كما خلقني ربّي
ويتراشقن الماء والضحك
أحلمُ بأبهاء قصورٍ وعربات ذهبية
تجرّها خيول مزخرفة، وأعرافها ممشطة
سأحدّث أشجار العراق، والأزقّة والبيبان
ابن زريْق حيّ بصورةٍ ما
سنحوّل المأتمَ إلى عرس ولو إلى حين
-أسنتْ مآتمُنا، وبكاؤنا آسن-
لا بدّ من عرسٍ ولوْ إلى حين
لنتوهّم عرساً، ونوقد الشموع
لا بدّ من كسر الرتابة لأنّها تُبلّد الحواس
لا بدّ من كسر العادة لأنّها محفّةُ مرضى
لا بدّ لنا من وهمٍ جديد
ولو بين مأتميْن
الموؤدة ترقص بيننا عارية
كما خلقني ربي
ستهفّ الجواري العباسيات، بأفخاذهنّ المجيدة والدفوف
ثيابُهنّ شفافة كأجنحة فراشات
-الثيابُ الشفافة أقوى الشراك
لأنها بحكمة بيت العنكبوت مصنوعة-
بأيديهنّ طاسات فضية تعكس لهاث الشموع
وفي عيونهنّ إثمد وبؤبؤ يومض
كما يومض نور في ياقوتة
بين مأتم مضى ومأتم قادم
لا بدّ من عرسٍ كما قلت
وفي الطبل نفس الطبل، في الطبل الواحد
أعمق الحزن، وأعمق الفرح.
• الكتابة والسيف
الكتابة بحدّ ذاتها مواقعة جنسية
لذّتها دائمة
تتناسل إلى ما لا نهاية
لها ما للحمام من
زَؤوف الجناح، ورنين الحوصلة، وزقّ العصافير
تتعالق الحروف وتتعاشق
كالمنقار بالمنقار
وكالعاشق بالعاشق
“الميل في المكحلة” مجاز جنسيّ 100%
القلم في المحبرة صورة جنسية 100%
الكتابة لا ريب ،مواقعة جنسية ولذتها دائمة
الحبر منيّ بأتمّ صورة
قلم العسكري إذا انتصب
قطع النسل والرقاب
وسنّ اليتم والترمّل
الانتصار قلق دائم
الاندحار عار مؤقت
والشاعر العظيم، مندحر عظيم
• ليل شهرزاد
الليلّ يختلفُ من بلدٍ إلى بلد‘
كما تختلف الوجوه حتى في العائلةِ الواحدة
النجوم واحدة. القمرُ واحدٌ. الجنادبُ واحدةٌ
مع ذلكَ يختلفُ الليلُ من بلدٍ إلى بلد
القمرُ بكلّ اللغات يورث الجنون
وعدّ النجوم يسبّبُ الفألول
إلاّ قمر بغداد يهيّج الغلمة كذلك
وتحيض منه النساءُ والأرانب
نجوم بغداد تلغطُ
كأنها تلتقي لأوّل مرّة في حفل
كلُّ نجمةٍ: شهرزاد
وكلُّ ليلةٍ :ألفُ ليلةٍ
ما من ليلٍ يتداخل فيه الموتُ والجنسُ
كليلِ بغداد
وفي صدر المرأة الريفيّة:
“شمسْ وقمرْ ونجوم”
تحتَ “شيلتها”على وجه الدقّة
“شمسْ وقمرْ ونجوم”
الدفّ بيد جاريةٍ عباسيّةٍ
دعوةٌ لاشتعال الجسد
والمروق على الدين
ضفيرتها تنزلق على عجيزتها عند أدنى حركة
ضفيرتها بطول عمودها الفقري
تنزلق على عجيزتها، بليونة ريش بلبل
ما من ليلٍ يتداخل فيه الموت والجنس، كليل بغداد
وشهرزاد لا تدري
أحيّةٌ هيَ أمْ ميتةٌ في الصباح؟
• حب شرقي
هطلَ الليلُ،
لو مرّةً لا تراني العيونْ
إذن جئتُ بابَكِ
هاكِ اعتراف الذي لا ينامُ، آنفرطتُ
أمامَكِ،
ما شئتِ، كنتُ،
تخللّني الموتُ مثل الجنونْ
أنتِ وحدَكِ نبتةُ ضوئي
• أفتش عن سكن
كنتُ أفتّشُ عن سَكَنٍ
في محلّةٍ متراصّة الضوضاء
أنفاقُ الصداع طويلة ومظلمة
حطّ عصفور جديد، في منتصف الشارع
حافّتا منقاره صفراوان كصبغٍ لم يجفّ
يتلفّت ويلقط تراباً، يثبُ
ربما لأوّل مرّةٍ، يدشنُ منقاره، وساقيه العوديّتين
ربّما في غفلةٍ عن والديْه
يُلفت إليه الأنظار مرّة
منتشياً بأوّل آعتمادٍ على النفس
رفرف جناحيْه
كمفاصل نبتةٍ صغيرة في شتاءٍ مشمس
كان مهووساً، يزقزق كالجرس
اقتربتْ منه سيارة
ارتبك، ارتفع أمامها
الآن ارتفع أكثر، ثلاثة أمتار في الهواء
سقط بلا جنحيْن، كقطنةٍ بلا فم
جسدُهُ حارٌ وناعم في كفّي
عيناه حبّتا سمسم،
في فمه إبرة دمٍ فاتحٍ لزِجٍ
لم أجدْ كفناً مناسباً
وضعتُهُ داخل ظرف رسائل، ودفنته داخل الحشيش
لماذا انهمر المطر كأنهار منقلبة
كنتُ أفتّش عن سكنٍ
في محلّةٍ مملّةٍ متراصة الضوضاء
أنفاق الصداع طويلة ومملة
