ابتهالات || الشاعر الإيراني سلمان هراتي

ترجمة: محمد الأمين الكرخي

الليلُ يسقطُ…

1

الليلُ يسقطُ… وأنا أنضجُ

أفتحُ فمي للسماءِ كالنيلوفر،

شوقًا لهطولِ الندى.

يا خالقَ الغيمِ والندى،

هلَّا أنهيتَ ظمئي؟

أريدُ أن أرتوي بك.

2

أقفُ جوارَ الليلِ،

أتأملُ عباءةَ السماءِ الزرقاءِ،

أتأملُ نجومًا نُسجتْ بخيطِ النورِ.

أسمعُ ترنُّمَ الأشجارِ:

“يا لهُ من نسيمٍ منعشٍ!

أنا لُبُّ برعمِه،

ستغدو كمثرى.”

أقفُ جوارَ الليلِ،

الليلُ مُرتوٍ بكَ،

وأنا على قابِ قدمينِ،

مبللٌ بالندى.

3

أحيانًا، كزهرةِ قرنفلٍ،

تأتي من النافذةِ

وتجلسُ محلَّ أشعاري،

وأنا مجردٌ حتى من كلمةٍ واحدةٍ.

عينايَ طافحتانِ ببصيرةٍ

هي ذروةُ تكاملِ عينٍ.

يسألني جاري: “ما هي الصفاتُ الثبوتيةُ؟”

أقولُ مرةً أخرى:

“يا لها من رائحةٍ عطرةٍ

ملأتْ هذا المكانَ!”

4

أحيانًا،

تتجسدُ إلى حدٍ

يسجدُ فيه جبيني لغيمةٍ،

أتأملُ شجرةً،

وأتوقعُ العطفَ من الأحجارِ.

المطرُ يهطلُ على كتفي،

فتغمرني البهجةُ.

أحيانًا، تتجسدُ إلى حدٍ

أسمعُ فيه صوتَ انهيارِ أكتافِ الشيطانِ الحجريةِ،

ولا عجبَ أن أرى القمرَ

يحصدُ الريحانَ مع أطفالِ الجبالِ.

5

أمسِ،

كنتُ قريبًا إلى حدٍ

تذوقتِ النافذةُ الملحَ من بهجتي.

كنتُ هائمًا بكَ،

نيلوفرةٌ انبثقتْ من عنقي

وخرجتْ من النافذةِ.

6

ضياؤكَ كشلالٍ

ينسكبُ من ارتفاعاتِ المستحيلِ،

يمتزجُ بضياءِ نافذةٍ

تحتشدُ فيها سبعُ سماواتٍ.

لذلكَ تراني أغني في حدائقِ المستحيلِ

للأحجارِ الطائرةِ.

7

غادرَ الصيفُ الحافي ضفّةَ النهرِ،

هبطَ الخريفُ من الغابةِ مع المياهِ،

وعلى جسدِ الترابِ النَّدِيِّ

هيمنَ رقصُ الأوراقِ.

السماءُ تبدأُ حيثُ أنتَ تكونُ،

منكَ تبدأُ الكواكبُ وحولكَ تطوفُ المجرَّاتُ.

إنكَ تظهرُ حتى جوارَ نافذتي الصغيرةِ،

وفي نفسِ الآنِ الذي تبكي فيه سمكةٌ صغيرةٌ

في قعرِ المحيطِ،

ثمَّةَ طائرٌ يرفرفُ في دفتري.

إنكَ تسمعهما معًا.

_____________________________________
* سلمان هراتي : شاعر ايراني ولد عام 1959م في مدينة تنكابن، وتوفي اثر حادث سير في مدينة لنغرود عام 1986م حصل على دبلوم الدراسات العليا في الفنون، وعمل مدرسا في احدى القرى، يعد واحد من أهم الشعراء الإيرانيين المحدثين، تأثر بسهراب سبهري وفروغ فرخزاد، صدر له ديوان وحيد وهو “السماء الخضراء” وصدر له بعد وفاته ديوان “باب بيت الشمس” بالإضافة إلى قصائد ومجاميع شعرية لم تنشر قبل وفاته.

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.