وداعًا صاحب الشرف وذات واللجنة || رحيل الروائي المصري صنع الله إبراهيم
متابعة | مدار 24
رحل عن عالمنا الأديب الكبير الروائي المصري صنع الله إبراهيم عن عمر ناهز 88 عاما، وذلك إثر إصابته بالتهاب رئوي نقل على أثره إلى أحد مستشفيات القاهرة، حسب ما نقلته وسائل الإعلام الرسمية في مصر.
ويعد الأديب الراحل صنع الله إبراهيم أحد أبرز رواد الأدب فى مصر، ومن أمهر صناع الرواية العربية، كما أنه علامة فارقة من علامات الأدب المصري، وله مجموعة متنوعة من الأعمال المميزة، دخلت بعضها فى قائمة أفضل مائة رواية عربية.
ولد صنع الله في القاهرة عام 1937م، وكان لوالده أثرٌ كبير على نشأته، فقد زوَّده بالكتب والقصص وحثَّه على الاطِّلاع، فبدأت شخصيتُه الأدبية في التكوين منذ الصِّغَر. درس الحقوق، لكنه سرعان ما انصرف عنها إلى الصحافة والسياسة. وانتمى للمُنظَّمة الشيوعية المصرية “حدتو”، فاعتُقِل عام 1959م وظل في السجن خمسَ سنوات حتى عام 1964م.
بعد خروجه من السجن اشتغل في الصحافة لدى وكالة الأنباء المصرية عام 1967م، ثم عمل لدى وكالة الأنباء الألمانية في برلين الشرقية عام 1968م، حتى عام 1971م، وبعدها اتَّجه إلى موسكو لدراسة التصوير السينمائي، والعمل على صناعة الأفلام. ثم عاد إلى القاهرة عام 1974م في عهد الرئيس السادات، وتَفرَّغ للكتابة الحُرة كليًّا عام 1975م.
تَميَّز إنتاج صنع الله الأدبي بالتوثيق التاريخي، والتركيزِ على الأوضاع السياسية في مصر والعالَم العربي، فضلًا عن سرده الكثيرَ من حياته الشخصية. ومن أشهر أعماله : رواية “شرف” التي تحتلُّ المرتبةَ الثالثة ضمن أفضل مائة رواية عربية، و”اللجنة”، و”ذات”، و”الجليد”، و”نجمة أغسطس”، و”بيروت بيروت”، و”النيل مآسي”، و”وردة”، و”العمامة والقبعة”، و”أمريكانلي”، وغيرها من الأعمال الأدبية التي تحظى بمكانة متميزة في عالم الأدب.
أثير حوله الكثير من الجدل بسبب رفضه استلام “جائزة الرواية العربية” التي يمنحها المجلس الأعلى للثقافة، عام 2003م، ونال العديد من الجوائز العربية المهمة، مثل “جائزة ابن رشد للفكر الحر” عام 2004م، و”جائزة كفافيس للأدب” عام 2017م.
ويمكن القول إن صنع الله إبراهيم الذي بدأ مسيرته المهنية كصحفي في وكالات للأنباء، وظلّ وفيّاً طيلة رحلته الأدبية للصحفي الذي كانه. لكن روايته الأولى “تلك الرائحة” (1966) أحدثت صدمة عند صدورها، إذ تناولت حالة الاغتراب والفراغ الوجودي لشاب خرج من السجن ليجد نفسه تائهاً في مجتمع فاقد للبوصلة. وقد رُفضت الرواية من قبل الرقابة وصودرت بدعوى “البذاءة”، ولم تُنشر بنسختها الكاملة إلا بعد 20 عاماً، لكنّها اليوم تُعتبر لحظة مفصلية في تطور الرواية العربية الحديثة.
وإلى جانب ذلك تعتبر رواية اللجنة (1981) أولى رواياته، وهي من دون شك أشهر أعماله وأكثرها رمزية. وفيها “رفعتُ يدي المصابة إلى فمي وبدأتُ آكل نفسي” هي الجملة التي اختتم بها الرواية التي تحكي قصة رجل يُستدعى للتحقيق من قبل لجنة مجهولة.
برحيل صنع الله إبراهيم يسدل الستار عن واحد من أهم الشخصيات الأدبية العربية المعاصرة، وأهم الروائيين القلائل من كتاب الواقعية النقدية. رجل اللحظة الذي حوّل السجن إلى جامعة، وشرّح السياسة العربية، وأضاف إلى الرواية العربية المثير بجرأة وابتكار.
