القاضي الأمريكي الشهير فرانك كابيرو يترك منصة العدالة ويودع العالم

متابعة | مدار 24

رحل عن عالمنا اليوم 20 أغسطس 2025 القاضي الأمريكي الشهير فرانك كابريو، الملقّب بـ “القاضي الرحيم”، عن عمر ناهز 88 عامًا، بعد صراع طويل مع سرطان البنكرياس. وبرحيله يفقد القضاء، بل يفقد العالم نموذجًا نادرًا جمع بين الهيبة القضائية ورقة القلب، وبين صرامة القانون ودفء الإنسانية.

وُلد كابريو في 24 نوفمبر 1936، وعُرف كقاضٍ في المحكمة البلدية بمدينة بروفيدنس، حيث تولّى رئاستها منذ 1985 وحتى تقاعده عام 2023. لم يكن مجرد قاضٍ يصدر الأحكام، بل صار رمزًا عالميًا عبر برنامجه الشهير Caught in Providence، الذي بدأ بثه عام 2000، واشتهر لاحقًا على مستوى الولايات المتحدة والعالم بفضل مواقع التواصل الاجتماعي. كان المشهد متكرّرًا: متهم يقف خائفًا أمام المنصة، يتهيّأ لتلقي حكمٍ قاسٍ، لكن القاضي كابريو يفاجئه بابتسامة، وسؤال إنساني، ثم حكم يحمل العدل مغلّفًا بالرحمة. هكذا تحوّل إلى أيقونة، ليس لأن أحكامه خارجة عن القانون، بل لأنه أظهر الوجه الأجمل للقضاء والرسالة البليغة للعدل : أن العدالة بلا رحمة قد تتحوّل إلى قسوة، وأن الرحمة بلا عدالة قد تصبح فوضى، أما هو فجمع بينهما في معادلة بديعة.

منذ ديسمبر 2023 حين أعلن إصابته بسرطان البنكرياس، واجه المرض بصلابة، محاطًا بدعوات الملايين ممن لم يعرفوه إلا عبر الشاشة. وفي مايو 2024، قرع جرس الشفاء بعد إنهاء جلسات العلاج، كأنه يعلن انتصارًا صغيرًا في معركة طويلة. غير أن المرض عاد، وظل يقاوم حتى أسلم الروح في أغسطس 2025.

ومن أبرز لحظاته التي بقيت خالدة في الذاكرة تلك التي أوقف فيها غرامة على سيدة مسنّة لا تستطيع دفعها، فاعتبر سنها الطويل مبررًا للرأفة، أو حين سمح لطفل صغير أن يشارك في تحديد مصير والده في مخالفة مرورية بسيطة، فحوّل المحكمة إلى مساحة إنسانية يختبر فيها الجميع أن القانون ليس نصًا جامدًا بل قلبًا نابضًا. هكذا سيبقى فرانك كابريو رمزًا للقاضي الذي لم يخلع قلبه عند عتبة المحكمة، بل جعل من الرحمة تاجًا على رأس العدالة.

وفي كلماته الأخيرة التي وثّقها بنفسه، قال يوم أعلن مرضه: “أطلب منكم أن ترفعوني في صلواتكم… وأن تذكُروا اسمي أمام الله، فهذا أثمن ما يمكن أن تقدّموه لي.” وحين أنهى جلسات علاجه في مايو 2024، قرع جرس الشفاء قائلاً: “لقد أعطاني الرب فرصة جديدة للحياة… وما كان ذلك ممكنًا لولا عائلتي وأصدقائي، ولولا الدعوات التي وصلتني من أناس لم أرهم قط.” ثم عاد في مطلع 2025 ليقول بعد انتكاسة جديدة: “أريد أن أتذكَّر كإنسان حاول أن ينشر الرحمة، وألا يُحاكَم أحد قسوةً دون أن يُستمع أولاً إلى قصته.”

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.