يُقال إن الأَغاف¹ يزهر كل مائة عام،
أما إزهارنا نحن فهو الموت.
وعلينا أن نرعى بمحبة وعناية
هذه الزهرة الشاحبة في جسدنا.
كل واحد منا بستانيّ، والنبتة
التي عليه أن يصونها ليلًا ونهارًا،
وهي تفوح برائحة الزيزفون والنعناع،
هي موته، الذي هو الزهرة والثمرة.
ينبغي أن يحدث كل شيء بهدوء، في صمت،
من غير صراخ، ومن غير عبوس،
من غير أن يبدو أننا نعرف هذا الزائرة
التي تنسج حولنا خيوطها الضبابية.
إلى أن تتفتح الزهرة أخيرا
بذاك الألق، بحبوب اللقاح العنيفة
وذلك الصخب في الهواء حيث يتحد،
فجأةً، الباطن بالخارج.
هناك من هم كالأرض القاحلة،
فتقاوم بذْرة الموت عبثًا،
تشيخ وجوههم سريعًا،
وتذبل أيديهم كما الأوراق.
يقضون وقتهم في الألعاب، في الأسواق،
يصرخون في زهو
وأفواههم أشد حلكة من الليل
من دون نجمة كلمة حب.
وهم في غمرة حفلاتهم،
يتزينون بحللهم و ذهبهم،
لا يفكرون أبدا في الزهرة الخفية
التي يفتحها الموت في عروقهم.
أما الذين عرفوا كيف ينتظرون تلك الهالة
الذي يمنحها أخيرًا هذا الإزهار الغريب،
والذين عرفت شفاههم كيف ترتشف
خمرًة حسية، لاتدركها العقول،
هؤلاء البُستانيّون الأصفياء، هؤلاء الحكماء،
يصعد الموت داخلهم من كل الجهات،
وتتجلى الروح على وجوههم الجميلة
كما تطفو زنبقة فوق سطح الماء.
______________________________________
– الأغاف : نوع من الصبار الأمريكي.
*إيلاري فورونكا : كاتب وشاعر فرونكوفوني من أصل روماني 1903-1946.من قائمة الشعراء المنتحرين. القصيدة عن مجموعة “الشهود” لوميريديان، 1942.
