بيل غيتس : العالم على حافة الأنهيار، والتكنولوجيا وحدها لا تكفي

متابعة | مدار 24

مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وتفاقم الأزمات البيئية، أطلق الملياردير الأميركي ومؤسس “مايكروسوفت” بيل غيتس، تحذيراً صارخاً وقال بالعبارة : “نحن عند نقطة تحول.. والعالم يقترب من الانهيار”، داعياً إلى تحرك عالمي عاجل قبل فوات الأوان. وذلك في مقابلة له مع صحيفة “L’Express” الفرنسية، إذ تحدث غيتس بنبرة غير معتادة، مشيراً إلى أن السنوات العشرين المقبلة ستحدد مصير البشرية لعقود طويلة. فالعالم، بحسب رؤيته، يشهد تفككاً متسارعاً في منظومة التعاون الدولي، وسط تصاعد النزعة القومية وتراجع ميزانيات التنمية.

ولم يكتف غيتس بتشخيص الأزمة، بل دعا أيضا إلى إعادة الالتزام بالمسؤولية العالمية، محذراً من أن الدول الغنية بدأت تنكفئ على نفسها في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى الدعم. ففي عام 2023، انخفضت المساعدات التنموية الرسمية بنسبة تقارب 5%، وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، رغم تفاقم أزمات المناخ والجوع وضعف الأنظمة الصحية في دول الجنوب العالمي.

وقال غيتس للصحيفة المذكورة : “الإغراء بالانكفاء الداخلي لم يكن أقوى مما هو عليه الآن”، مشيراً إلى أن هذا التراجع لا يقتصر على التمويل، بل يشمل أيضاً تغير المزاج السياسي والاقتصادي الذي يدفع الالتزامات الدولية إلى الهامش.

والملاحظ أن بيانات البنك الدولي كشفت أن أكثر من 570 مليون شخص قد يظلون في فقر مدقع بحلول عام 2030، ما يهدد أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. وأضاف غيتس: “نحن نواجه خطر ترسيخ التفاوت على مستوى كوكبي”.

ويذكر أنه قد ساهمت مؤسسة غيتس، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وتحالف اللقاحات “غافي”، مثلا في إيصال اللقاحات إلى مئات الملايين من الأطفال. لكن مثل هذه الإنجازات تبقى مهددة. فخلال جائحة كورونا، تعطلت برامج التطعيم في أكثر من 70 دولة، وارتفعت معدلات التردد في تلقي اللقاحات. وتشير دراسة نُشرت في مجلة The Lancet عام 2023 إلى أن معدلات التطعيم الروتيني قد تستغرق سنوات لتعود إلى مستوياتها السابقة، ما ينذر بارتفاع محتمل في وفيات الأطفال.

كما يصف غيتس أزمة المناخ بأنها “مضاعِفة للمخاطر”، إذ تؤدي العواصف والجفاف والفيضانات إلى تقويض عقود من التقدم التنموي. وتُقدّر الأمم المتحدة أن احتياجات التكيف المناخي ستتجاوز 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030، في حين أن التمويل الحالي لا يرقى إلى هذا المستوى. لكنه يحذر من الإفراط في التفاؤل، قائلاً: “التكنولوجيا وحدها لا تكفي”، مشدداً على ضرورة اقتران الابتكار بسياسات عامة ذكية وتعاون دولي وعدالة في التوزيع. فبدون الحوكمة الرشيدة، حتى أفضل الحلول قد تتحول إلى أدوات في يد القلة.

ويؤكد غيتس أيضا أن العمل الخيري لا يمكن أن يحل محل دور الحكومات، لكنه يستطيع سد الثغرات التي تعجز السياسات عن معالجتها. وقال: “الحكومات يجب أن تقود.. لكن العمل الخيري يمكنه أن يتحرك بسرعة، ويخاطر، ويملأ الفراغات التي لا تجرؤ السياسة على الاقتراب منها”.

مقالات قد تعجبك
3 Comments
  1. جميلة خالد علق

    مقال مهم يسلط الضوء على تحديات كبيرة تواجه العالم. دعوة بيل غيتس للعمل الجماعي ضرورية لمواجهة الأزمات الراهنة.

  2. Jean Dupont علق

    تحذيرات بيل غيتس تعكس واقعاً مؤلماً يواجه العالم اليوم. من الضروري أن نتعاون جميعاً لمواجهة التحديات البيئية والجيوسياسية لضمان مستقبل أفضل.

اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.