توفيت الروائية الهولندية البارزة إيفون كولس، المعروفة بكونها كاتبة اجتماعية لا تعرف المهادنة وسفيرة للمنبوذين والمهمشين، مساء الأحد في لاهاي عن عمر يناهز 93 عاماً، بعد صراع قصير مع المرض.
تُعرف كولس عالمياً بأعمالها الأدبية التي تتناول قضايا اجتماعية شائكة، وعلى رأسها رواية “حياة فلوّرتي بلوم البائسة” (Het verrotte leven van Floortje Bloem)، بالإضافة إلى روائع أخرى مثل “جان راب ورفيقه” (Jan Rap en z’n maat) و**”والدة ديفيد س.” (De moeder van David S.)**. وقد أكدت عائلتها خبر الوفاة يوم الاثنين.
▪️ مسيرة من النضال الاجتماعي
خلّفت إيفون كولس وراءها إرثاً يضم أكثر من تسعين مؤلفاً، تراوحت بين المسرحيات والبرامج الإذاعية والسيناريوهات التلفزيونية والروايات الأدبية. وقد حازت العديد من كتبها على جوائز وتحولت إلى كلاسيكيات في المكتبة الهولندية، محفورة في الوعي الوطني لقدرتها على كشف الجانب المظلم من المجتمع.
كانت كولس تولي اهتماماً خاصاً للأطفال المدمنين والمعرضين لسوء المعاملة، ومن هذه القضايا المستترة استمدت إلهامها لجزء كبير من أعمالها اللاحقة. وقد بدأ تركيزها الاجتماعي يتبلور في بداية حياتها المهنية عندما عملت كمعلمة في مدرسة ابتدائية بحي شيلدرسفايك في لاهاي.
▪️ خلفية متعددة الثقافات
وُلدت إيفون كولس في عام 1931 في ما كان يُعرف حينها بـ الهند الشرقية الهولندية (إندونيسيا حالياً)، لأم هولندية من أصول جاوية وأب يهودي. انتقلت العائلة إلى هولندا في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي.
هذه الخلفية الثقافية المعقدة ألقت بظلالها على كتاباتها، خاصة في روايتها السيرة الذاتية “سيدتي… أمي” (Mevrouw mijn moeder)، التي نالت عنها جائزة ترَو (Trouw Publieksprijs) المرموقة في عام 1999. وفي عام 2012، تم تكريم كولس ومنحها جائزة لاهاي للثقافة عن مجمل مسيرتها الأدبية ومساهمتها القيّمة في الحياة الثقافية للمدينة.
حتى وقت قريب، بقيت كولس صوتاً فاعلاً في النقاشات الوطنية، حيث شاركت في الخطاب الوطني لإحياء ذكرى الهند الشرقية في لاهاي في 15 أغسطس 2024، إلى جانب حفيدتها بابيش، لتؤكد على أن إرثها لم يكن محصوراً في الماضي، بل يمتد تأثيره إلى الحاضر والمستقبل.

رحيل إيفون كولس يعد خسارة كبيرة للأدب الهولندي. لقد تركت بصمة عميقة في قضايا المهمشين، وستبقى أعمالها خالدة في الذاكرة الأدبية.