خطاب الرئيس الكولومبي جوستافو بترو إلى ترمب

ترجمة || أحمد محسن

ترمبك، أنا لا أحب السفر إلى الولايات المتحدة كثيرًا، فهو شيء ممل قليلًا، لكنني أعترف أن هناك أمور قيمة. أحب الذهاب إلى أحياء واشنطن السوداء، وقد رأيت هناك شجارًا كاملًا في عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية بين سودٍ ولاتينيين بمتاريس، وبدا لي حماقة لأنه أحرى بهم أن يتحدوا. أعترف أنني أحب والت ويتمان وبول سيمون ونعوم تشومسكي وميلر. وأعترف أن  نيكولا ساكو و بارتولوميو فانزيتّي، اللذين يحملان دمي، خالدان في التاريخ الأمريكي وأنني أتبعهما. قتلهما على الكرسي الكهربائي الفاشيَّون الموجودون في الولايات المتحدة كما يوجدون في بلدي؛ لأنهما كانا قادة عمّاليين.

لا يعجبني بترولك يا ترمب، ذلك الذي سيقضي على النوع البشري بسبب الطمع. ربَّما يمكننا يومًا ما، ونحن نشرب كأسًا من الويسكي سأقبله، على الرغم من معدتي الملتهبة، أن نتحدث بصراحة عن هذا، لكنه أمر صعب لأنك تعتبرني جنسًا أدنى ولستُ دنيًّا، لا أنا ولا أي كولومبي.

فإن كان هناك شخصٌ عنيد على وجه الأرض، فأنا ذلك الشخص، ونقطة. يمكنك بقدرتك الاقتصادية وغطرستك أن تحاول إجراء انقلاب عسكري في كولومبيا كما فعلوا/فعلتم مع  سلفادور أيِّندي. لكنني أموت على طريقتي. لقد قاومت التعذيب، وسأقاومك أنت. لا أريد مستعبدين بجوار كولومبيا، لقد استعبدونا كثيرًا لكننا تحرَّرنا. ما أريده بجوار كولومبيا هم محبو الحرية. إن لم تستطع رفقتي، فسأخذ طرقًا أخرى. كولومبيا هي قلب العالم وأنت لم تفهم هذا. هذه الأرض هي أرض الفراشات الصفراء، وجمال ريميديوس، لكنها كذلك أرض العقيد أورليانو بوينديا وسلالته، وأنا واحد منها، وربّما أكون الأخير.

قد تقتلني، لكنني سأنجو من خلال شعبي الأقدم من شعبك، في الأمريكتين. نحن شعوب الرياح، والجبال، والبحر الكاريبي، والحرية. إنك لا تحب حُرِّيتنا، حسنًا. إننا لا أمدُّ يدي لتجار عبيدٍ بيض. أمدُّ يدي للبيض المتحرِّرين ورثة لينكولن، وللشباب الفلاحين السود والبيض من الولايات المتحدة، والذين بكيت أمام قبورهم وصليتُ من أجلهم في أرض معركة وصلت إليها بعد أن سرتُ جبال التوسكان الإيطالية وبعد أن نجوتُ من الكوفيد.

هؤلاء هم الولايات المتحدة، وأمام أولئك أنحني، ولا أنحني أمام كائن آخر من كان. انقلب عليَّ يا سيادة الرئيس، وستردُّ عليك الأمريكتان والبشرية جمعاء. لقد توقَّفت كولومبيا الآن عن النظر إلى الشمال، وأضحت ترى العالم. إن دماءنا تأتي من دماء خلافة قرطبة، حضارة ذلك الزمان، ومن اللاتينيين الرومان من البحر المتوسط، وحضارة ذلك الزمان، أولئك الذين أنشأوا الجمهورية والديمقراطية في أثينا. تجري في دماءنا كذلك دماء المقاومين السود الذين استعبدتموهم أنتم. كولومبيا تضمُّ أول أرضٍ تحررت في أمريكا*، قبل واشنطن، في كل القارة الأمريكية الكُبرى، وأنا ألتحف بالأناشيد الإفريقية لأولئك.

بلدي بلدٌ صاغ الذهب والفِضّة في عهد الفراعنة المصريين، وبلد أول فناني العالم الذين رسموا على أحجار التشيريبيكيتي.  لن تحكمنا أبدًا. يعترض المحارب الذي كان يمتطي جواده في أراضينا يصرخ صرخة الحُرَّية ويُدعى بوليفار.

إن شعوبنا تخافُ قليلًا، وتخجل قليلًا. هي شعوب بريئة وحسنة الطباع، مُحبَّة، لكنها ستعرف كيف تكسف قناة بنما، التي انتزعتوها منّا بالعنف. يرقد مئتا بطلٍ من كل أنحاء أمريكا اللاتينية في بوكاس دل تورو، بنما الحالية، وكولومبيا السابقة، وأنتم من قتلتموهم.

إنني أرفعُ علمًا، وكما قال جايتان: “وإنِ بقيتُ وحدي، فسيظلُّ العلم يرفرف بكرامة أمريكا اللاتينية، التي هي كرامة أمريكا، القارة التي لم يطأها جدُّك الثاني، ومنها أجدادي، يا حضرة الرئيس المهاجر للولايات المتحدة الأمريكية.

إن حظرك لا يفزعني، لأن كولومبيا، بالإضافة إلى أنها بلدُ الجمال، هي قلبُ العالم. أعلم أنك تحب الجمال مثلي، فلا تنقص من احترامه، وسيمنحك حلاوته.

تنتفح كولومبيا، بدءًا من اليوم، على العالم أجمع، فاتحة ذراعيها. إننا بناةٌ للحريَّة، والحياة، والإنسانية.

__________________________

* أحمد محسن : شاعر مصري مقيم في كولمبيا

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.