في مواجهة كلاسيكية أخرى لا تخلو من الإثارة والندية، استضاف ملعب “لاكارتوخا” في إشبيلية قمة نهائي كأس ملك إسبانيا بين الغريمين التقليديين ريال مدريد وبرشلونة.
وعلى الرغم من البداية المترددة من جانب الملكي، عاد لكن في الأخير استطاع الفريق الكتالوني حسم المعركة في الوقت الإضافي بنتيجة 3-2، في مباراة شهدت تقلبات في الأداء، قرارات تحكيمية مثيرة للجدل، وتألق نجم فرنسي أعاد الحياة لخط هجوم الملكي.
هذا التقرير يغوص في تفاصيل هذا اللقاء المثير، محللًا أبرز محطاته وتأثيره على كلا الفريقين :
• بداية ريال مدريد
لم يكن ريال مدريد في أفضل أحواله في الشوط الأول، إذ اكتفى باستقبال هجمات برشلونة إلا في لحظات قليلة نجح فيها نجوم الملكي في الخروج من عباءة أنشيلوتي والوصول إلى مناطق النادي الكتالوني.
لا يمكن أن تكون هذه هي مبادرة ريال مدريد في مباراة بتلك الأهمية أمام خصمه التاريخي الذي خسر أمامه مرتين هذا الموسم بنتائج تاريخية، لكن لعل السطر الأخير فيه تفسير لما حدث.
انكمش ريال مدريد دفاعيًا بشكل فيه الكثير من الرغبة في الآمن، ربما حتى أن نجوم ريال مدريد قد رأوا أن الـ 60 دقيقة الأولى هي التي يقدم فيها برشلونة أفضل ما لديه لذلك أرادوا أن تمر بأي شكل ممكن، كما تحدثت تقارير صحفية عن هذا الأمر قبل أيام، لكن البقاء بهذا الشكل والاستسلام ساعد برشلونة كثيرًا ومنحه راحة دفاعية من الطراز الرفيع.
الأرقام تقول إن ريال مدريد لم يسدد أي كرة في الشوط الأول بين إطار المرمى، بل الأصعب أنه لم يظهر بشكل خطير إلا في إطار بسيط للغاية، حتى بعد تسجيل برشلونة لهدفه الأول.
ربما كان أنشيلوتي محقًَا في رؤيته، بالأخص أن كل محاولة لريال مدريد من أجل الخروج بالكرة إلى مناطق برشلونة قوبلت بهجمة خطيرة للنادي الكتالوني وجاءت أهمهم في هدف بيدري الذي صنعه لامين يامال بعد كرة قطعها باو كوبارسي واستلمها بيدري ثم لعبها ليامال في المساحة وبعدها انتظر الشاب الإسباني ومررها لبيدري من جديد الذي سدد فبدل هجمة ريال مدريد المرتدة إلى هدف لبرشلونة.
• أين منتقدي مصيدة التسلل؟
أبرز لقطات ريال مدريد في الشوط الأول كانت بهدف لجود بيلينجهام في كرة ولقطة فنية رائعة بمرور من بيدري، ووضعها في الشباك لكنه كان متسللًا عندما استعاد الكرة.
أما اللقطة الثانية فجاء منها ركلة جزاء أيضًا تم إلغاءها بسبب التسلل، وفي نهاية المطاف تجد من ينتقد تلك الطريقة وكيف يطلبها هانز فليك من بداية الموسم.
قد تفشل تلك الطريقة في بعض الأحيان وهو هامش خطا مقبول لأي فريق، لكن لولا مصيدة التسلل لكانت نتيجة الشوط الأول في المباراة تقدم ريال مدريد بهدفين لهدف، ولكان ريال مدريد قد حصد ركلة جزاء في آخر لحظات اللقاء.
• هل تأثر الحكم بالضغوط؟
سؤال إجابته سهلة، دون شكوك، لقد كان ريكاردو دي بورجوس متأثرًا بشكل كبير بكل ما حدث حوله من أزمات، ربما كان الوضع سيكون نفسه في قرارته في ظروف عادية، لكن ما حدث قبل اللقاء سلط الضوء عليه أكثر.
حساب أرشيفيو فار أكد وجود بطاقة حمراء على أوريليان تشواميني، كما كان هناك ركلة جزاء مشكوك فيها لصالح باو كوبارسي على داني سيبايوس لم يتحقق منها الحكم.
بشكل عام كان الحكم متساهل في الكثير من اللقطات، ربما رغبة منه في الحفاظ على المباراة هادئة دون إضافة المزيد من التوتر، هذا سيناريو مرجح بالطبع.
• تأثير مبابي
لا شك أن تبديل كيليان مبابي وإدخاله بين الشوط كان له مفعول السحر بالنسبة لريال مدريد، النجم الفرنسي قلب المباراة تمامًا، فقط أول ربع ساعة كان مبابي البطل في ثلاث كرات كان من الممكن في سيناريوهات أخرى أن تتحول لأهداف.
ربما لو لعب مبابي أساسيًا في ظروف مختلفة لاختلفت معطيات المواجهة التي تفوق برشلونة في بدايتها بشكل كاسح على الملكي.
نجح ريال مدريد بفضل تبديل مبابي في معادلة ما سدد برشلونة من تسديدات على المرمى في ساعة كاملة خلال أول ربع ساعة من الشوط الثاني.
لم يكتف مبابي بهذا بل كان صاحب كلمة السر في هدف التعادل وكان من تسبب في الخطأ ومن سجله في شباك برشلونة ليمنح نفسه ببراعة لقب الأفضل في مدريد.
تبديل مبابي ولو إنه كان به مخاطرة للحديث عن عدم جاهزيته قبل المباراة إلا أنه ولو تأخر 10 دقائق فقط أو ربع ساعة لما كانت المباراة قد انقلبت بهذا الشكل.
• خسر برشلونة رغم أول خطوات الثلاثة
لعب 120 دقيقة والتفريط في فوز كان في المتناول منذ الشوط الأول هي أمور تستدعي قلق جماهير برشلونة، بعد أن كان فريقها قاب قوسين أو أدنى من خسارة اللقاء.
ما لا يمكن لجماهير برشلونة أن تطيقه في تلك المباراة هو أنها ستكون سببًا في إرهاق كبير للغاية في مواجهتهم ضد إنتر في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بعد أيام قليلة.
الخسارة المقصودة في هذا العنوان الجانبي لا تتعلق فقط بالوقت الإضافي والإرهاق، لكنها مرتبطة بعقلية الفريق التي كادت تضيع أول أضلاع الثلاثية التاريخية الثالثة في تاريخهم.
• بيت القصيد
في نهاية المطاف، انتصر برشلونة في هذه الملحمة الكروية بنتيجة 3-2 بعد امتداد المباراة للأوقات الإضافية، وعلى الرغم من أن ريال مدريد لم يكن في أفضل حالاته في الشوط الأول، فإن دخول مبابي في الشوط الثاني أشعل فتيل المنافسة وأعاد الفريق إلى المباراة.
ومع ذلك، فإن الفوز جاء لصالح برشلونة، لكنه جاء مصحوبًا بإرهاق واضح قد يؤثر على الفريق في استحقاقه الأوروبي القادم، وتبقى الإشارة إلى أن عقلية برشلونة كادت أن تتسبب في ضياع فوز كان في المتناول، لكن الفريق الكتالوني نجح في النهاية في تحقيق خطوته الأولى نحو تحقيق ثلاثية تاريخية أخرى، وهذا هو الأهم لجماهيره في اللحظة الحالية.
___________________________
* المصدر : موقع GOAL جول / الرياضي
