محارب من أجل اللغات المهمشة || الأديب الكيني نغوجي وا ثيونغو يودع عالمنا
خاص | مدار 24
تناقلت مواقع ووسائل إعلام دولية خبر وفاة الكاتب الأفريقي نغوجي وا ثيونغو أحد أهم روائيي الأدب الأفريقي، وواحد من كُتّاب أفريقيا المعاصرين، وأكد مثقفين في مواقع التواصل الاجتماعي وفاة الكاتب الذي وافته المنية يوم أمس 28 / آيار في جورجينيا عن عمر ناهز 87 عاما بعد تشخيص إصابته بسرطان البروستاتا، معزين برحيله الذي شكل صدمة كبيرة في الأوساط الأدبية، وخسارة كبيرة لصرح من صروح الأدب الأفريقي والرواية الكينية.
نغوجي وا ثيونغو (بلغة الكيكويو: Ngũgĩ wa Thiong’o) أو جيمس نغوغي المولود في 5 يناير 1938م هو كاتب كيني شهير، كان يكتب بالإنجليزية، وقد أتجه بعد ذلك إلى الكتابة بلغته القومية (الكيكويو)، معتبرا نفسه “محارب من أجل اللغات المهمشة” على حد تعبيره، وقد كان يكتب الرواية والمسرحية والقصة القصيرة، كما كتب مقالات أدبية واجتماعية، وكتب في أدب الطفل.
هاجر وا ثيونغو إلى الولايات المتحدة بعد تعرضه للسجن في بلاده لمدة عام، حيث عمل بالتدريس في جامعة ييل بضع سنين، ثم عمل أستاذًا للأدب المقارن في جامعة نيويورك ، وأستاذًا في جامعة كاليفورنيا وجامعة إرفاين ومديرًا للمركز الدولي للكتابة والترجمة بالجامعة ذاتها.
نشر وا ثيونغو روايته الأولى عام 1964م وكانت بعنوان “لا تبك أيها الطفل” وقد سبقتها مجموعة قصصية بعنوان “دقائق المجد” ثم نشر رواية “حبة حنطة” عام 1967م، ورواية “بتلات الدم” عام 1977م ورواية “شيطان على الصليب” عام 1982، وترجمت معظم رواياته إلى اللغة العربية.
ظهر اسم نغوغي وا ثيونغو عدة مرات في قوائم المرشحين لجائزة نوبل للآداب، وذلك بعد نيله جائزة لوتس للادب عام 1973م ثم جائزة بارك كيونغ عام 2016م، وبعد ان وصل للقائمة القصيرة لجائزة مان بوكر الدولية للرواية عام 2009م، اضافة الى جوائز فخرية ادبية اخرى حصل عليها خلال مسيرته الطويلة.
تعتبر رواية “حَبّةُ قَّمح” التي كتبها الروائي الكيني وا ثيونغو من اهم رواياته، وألفها أثناء دِراسته في جامعة ليدز ونشرت لأول مرة عام 1967م. أُخِذَ العنوان من الإنجيل بحسب القديس يوحنا ،( 12:24). وتجمع الرواية العديد من القصص التي حصلت أثناء حالة الطوارئ في صراع كينيا من أجل الاستقلال (1952-1959)، وتدور الحبكة حول استعدادات قريته للاحتفال بيوم الاستقلال في كينيا، المسمى يوم (أوهورو). في ذلك اليوم، يخطط المقاتلون السابقون في المقاومة الجنرال (آر) و(كويناندو) لإعدام الخائن الذي خذل (كيهيكا) أمام الناس. وكيهيكا هو (أحد مقاتلي المقاومة البطولية المنحدرين من اصول القرية).
يشير بعض النقاد إلى أن معظم اعماله الروائية والقصصية يطرح نغوجي موضوعة “الاتصال بالأرض” التي يبثها في معظم اعماله حتى كانت رواياته التي كتبها في البداية بالانكليزية غالباً ما تنتقد الاوضاع في كينيا ما بعد الاستعمار وحكامها. لكنه يقول إنه ما ان كتب بلغته الأم حتى تم تهديده واعتقاله : “المسرحية الأولى التي كتبتها بلغتي الأم ، وضعت بسببها في سجن شديد الحراسة ، ليس من قبل حكومة استعمارية ، بل من قبل حكومة أفريقية تدعي انها وطنية “. والملاحظ أنه أثناء وجوده في السجن، كتب روايته الأولى بلغته المحلية، على ورق التواليا حيث كان ممنوع عليه ادخال الورق والاقلام الى السجن وهو يعبر عن ذلك بقوله :” ورق التواليت الذي كنت استخدمه في الكتابة لم يكن من النوع اللطيف، لذلك كانت الكتابة عليه صعبة للغاية “
لم يعش في كينيا فترة طويلة فبعد خروجه من السجن، ذهب نغوجي إلى المنفى، حيث عاش أولاً في إنكلترا ثم في الولايات المتحدة حتى رحيله، ورفض ان يمنح الجنسية الامريكية وقال للصحفيين ذات يوم :” لا أريد أن أفقد جنسيتي الكينية. أحب أمريكا، ويعجبني تمثيل جميع الطوائف والأديان تقريبًا في العالم هنا بشكل أو بآخر.”
كتب نغوجي ثلاثة مجلدات من المذكرات، عائدًا إلى الفترات التي غطاها في رواياته. الأولى ، “أحلام في زمن الحرب” – ترجمتها الى العربية الروائية لطفية الدليمي ونشرت متسلسلة في صحيفة المدى – تبدأ بأجداده خلال مؤتمر برلين في عام 1885 عندما قسمت البلدان الأوروبية إفريقيا بينها، ثم تحكي عن طفولته كمزارع بلا أرض. أما الجزء الثاني فيتحدث فيه عن سنواته في مدرسة داخلية تديرها بريطانيا بالقرب من نيروبي وكيف تم هدم منزل عائلته وسجن شقيقه في معسكر اعتقال بريطاني . ويروي المجلد الثالث ، “ولادة حلم” ، السنوات الأربع التي قضاها في جامعة ماكيريري في أوغندا عندما اقتربت كينيا من الاستقلال وبدأ نجوجي في كتابة أعماله الأولى في الأدب.
