أين تذهب الأصوات
عندما لا يسمعها أحد؟
▪️
أنا يوم واحد يجر خلفه قيامة من الأيام.
▪️
مبتئساً من حَصادِ نهايةِ عامي
يائساً من كتاباتي و أيّامي
من سريري الموحش، و أوراقي الملطّخة
بثُفالة القهوة و الخمر .
▪️
طيلة سنوات
تجرني اليقظة من ثيابي
الى اماكن لم يرها احد
الا نائماً او مخموراً
▪️
وعرفتُ أن الليالي
مذاقُ قطرةٍ من العسل
على اللسان تتلاشى
أنّ الأشياء دوماً مُهدًّدةُ بالغياب
وأنني ذات يومٍ كنتُ هنا في هذا المكان
حيث لن أكون أبداً مرةً أخرى .
▪️
إنَّها دائماً هناك ..
إنَّها دائماً أصواتٌ
ومن التيه إلى التيه
تثرثرُ الريحُ.
▪️
اللاجئون على الطرقات
الأطفال في التوابيت
النساء يندبن في الساحات.
أهلك بخير
يسلمون عليك من المقابر
بغداد سنبلة تشبث بها الجراد.
جئت إليك من هناك
إنه الدمار
قال لي وسار مبتعداً
واختفى في كل مكان
▪️
التراب لا يذكر آلقاب الجمجمة.
▪️
البضاعة الوحيدة التي تشبه الذهب هي الطريق.
▪️
أن الحشرات في كل مكان
تلبس نفس البدلة
ويحرسها البوليس بنفس الطاعة.
▪️
الليل من العمق بحيث لا تصل الصرخات إلى السطح.
▪️
تطفح عزلتي مثل جرة منسية تحت حنفية الصمت
أنا مليء ، تقدم ، أيها الظل.
ادخل إلى بيتي.
وانهب ما تشاء.
▪️
في الليل وحده أستطيع أن أنادي
من أريدهُ أن يُنادمَني، إلى هذه المأدبة الصغيرة في عَراء أيّامي.
▪️
أختفى دون أن ينطق بكلمة
ومضى..
دون أن يعرف لماذا
اتّهم الشجر
والبرق بالخيانةِ
وصاح بالفرات:
أيها الكلبُ كفاك تتبعني!
رفس الحجر، ثم عانقهُ وبكى
وحين غادر الحانة
حيثُ يبتسم الأمواتُ بعيونٍ ذئبية
كانت الكلمةُ كزوجةٍ وفيّةٍ
تنتظرُ في البردِ
لتأخذهُ إلى البيت.
▪️
ربما كان هذا هو المعنى :
أن تتركَ المحطات خالية وراءك
أن تُغادر قبل أن تغادرك الاشياء
وأن تتعلم كيف تحيا، هكذا
▪️
أيها الماضي
يا أيها الماضي :
ماذا فعلت بحياتي !؟
▪️
القلب:
كوةٌ تحت الضلع الثاني غير صالحة إلا للكسر
▪️
الأرض:
تنتظر الحرائق، مفتوحة دائما للإخصاب
▪️
السماء:
نوع من الحجارة، مَنجَم وهمي لاستثمارات غير محدودة
▪️
النهار:
لون الأرض السري.
▪️
اليد:
منبع الرسائل والإشارات، منجنيق حيّ في حالات الطوارئ.
▪️
الموقف:
مهما ابتعدت إلى أية بلاد بعيدة، ستصل إلى قلبك في النهاية، حيث يتدلى الجرحى من النوافذ، حيث الجرح يحتقر الرصاصة.
▪️
الآخرون:
وطن دائم التنقل لا تنقصه الحجة ليصفعك في كل مكان بتجلياته الألف
▪️
كلّ ما نحلمُ به
ألا تعصفَ بنا هذه الأعاصير:
زاويةٌ ننامُ فيها، صفحةٌ بيضاء
حيثُ لا تكذبُ الكلمات
هذا ما صلّيتُ من أجله الليلة، ولم أعرف معنى صَلاتي
▪️
وعرفتُ أن الليالي
مذاقُ قطرةٍ من العسل، على اللسان تتلاشى.
أنّ الأشياء، دوماً، مُهدًّدةُ بالغياب
وأنني، ذات يومٍ، كنتُ هنا، في هذا المكان.
حيث لن أكون، أبداً، مرةً أخرى.
▪️
لا آخذ كلماتكَ
على أنها مجرّد كلمات.
ما ابعدني
عن ذلك.
إنني أصغي
إلى ما يجعلُكَ تتكلّم
أيًّا كان ما تقول
ويجعلني أصغي.
▪️
حفنةً بعد حفنةٍ، يتذرّى العمرُ…
كأنّه الحصادُ
والمذراةُ في اليد،
والرّيحُ مُقبلة
▪️
ﺣَﺒﻞُ ﺍﻟﺴُﺮّﺓ ﺃﻡ ﺣﺒﻞ ﺍﻟﻤﺮﺍﺛﻲ؟
ﻻ ﻣَﻬﺮَﺏ: ﻓﺎﻷﺭﺽ ﺳﺘﺮﺑﻄﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺧﺼﺮﻫﺎ
ﻭﻟﻦ ﺗﺘﺮﻙ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧُﻔﻠﺖَ، ﻣﺜﻞَ ﺃُﻡّ ﻣﻔﺠﻮﻋﺔ، ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ.
▪️
أنا من يفتح الأبواب ولا يعرف كيف يغلقها،
وينام.
_____________________________________
* سركون بولص : أحد أهم الشعراء العراقيين الحداثويين، ولد في مدينة الحبانية عام ١٩٤٤م وتوفي في برلين عام ٢٠٠٧م صدر له ديوان “الوصول إلى مدينة أين”، و”الحياة قرب الأكروبول”، و”الأول والتالي”، و”حامل الفانوس في ليل الذئاب”، و”إذا كنت نائماً في مركب نوح”، و”عظمة أخرى لكلب القبيلة”.
