إسرائيل بعد الحرب مع إيران || كلفة باهظة .. بلا مكسب استراتيجي واضح

كتبه : محمد الغيث ماء العينين

الهدنة التي أنهت المواجهة بين إيران وإسرائيل لم تكن ثمرة اتفاق، ولا إعلان نصر، بل مجرّد وقف للنزيف في لحظة بدا فيها أن الجميع يُخشى عليه من الانهيار. لكن عند العودة إلى ما قيل قبل الحرب، وما تحقق بعدها، فإن السؤال الأهم يفرض نفسه :

ما الذي حققته إسرائيل فعليًا مقابل هذا المجهود الحربي الهائل؟

أولًا : الحرب انتهت دون شروط… أي دون نصر

إسرائيل لم تنتزع من إيران لا تفكيكًا للبرنامج النووي، ولا تحييدًا للصواريخ، ولا حتى التزامًا بالسكوت.

رغم ما قيل عن نجاح الضربات الأمريكية في تعطيل المنشآت النووية، فإن تقارير صحفية واستخباراتية أمريكية مسرّبة تُشكّك في هذا التقييم، وتُشير إلى أن الضرر كان موضعيًا، ومحدودًا.

أما إيران، فقد خرجت من الحرب متضررة، نعم، لكنها محتفظة بجوهر قوتها… وهذا وحده يُكذّب الرواية الإسرائيلية عن “النصر الصامت”.

ثانيًا : معادلة الردّ مقابل الضربة .. أصبحت حقيقة

لأول مرة، تواجه إسرائيل معادلة استراتيجية مختلفة: أي قصف في العمق الإيراني يقابله رد صاروخي مباشر على تل أبيب.

إن صح هذا التقدير، فإننا أمام تحول كبير: لم تعد السماء الإيرانية مستباحة كما كانت.

هذا لا يعني نهاية التفوق الإسرائيلي، لكنه يعني شيئًا أخطر: تآكل حرية القرار العسكري، وولادة توازن ردع غير معلن… لكنه فعّال.

ثالثًا : بعد طهران .. العودة إلى غزة

من المفارقة أن إسرائيل، بعد قصفها عاصمة إقليمية كبرى، تجد نفسها مجددًا في شوارع غزة، وجنودها يُقتلون في كمائن القسام.

الرسالة واضحة: التفوق الجوي لا يحسم الحروب حين يكون العدو مختبئًا في الأنفاق، أو مستعدًا للموت أكثر مما تخشى أنت الهزيمة.

إنها عودة إلى الحقيقة المُرّة: لا نصر يُترجم ما لم يُحوّل إلى نتائج على الأرض.

رابعًا : البحر الأحمر .. حدود الردع

رغم الضربات التي وُجّهت للحوثيين، ورغم الدور الأمريكي المباشر، ما زالت إيلات تحت القصف، وما زالت سفن إسرائيل تُحجم عن المرور.

اللافت أن واشنطن نفسها تُفضّل تفادي التصعيد مع الحوثيين، ما يعني أن الردع لم يتحقق، بل الردع أصبح نسبيًا، وظرفيًا، ومشروطًا بإرادة الأمريكي لا بإرادة الإسرائيلي.

•  خلاصة : إسرائيل قاتلت .. ولم تنتصر

بعد كل هذا، هل يمكن لإسرائيل أن تزعم أنها خرجت منتصرة؟

• إن كانت الحرب بلا اتفاق، فالنصر غير مكتمل.

• وإن كانت قواعد الاشتباك قد تغيرت، فحرية القرار تآكلت.

• وإن كانت المواجهة مع غزة لا تزال تُحصد الأرواح، فالجبهة لم تُحسم.

• وإن كان البحر الأحمر لا يزال بيد الحوثيين، فالردع لم يتحقق.

الأخطر من كل هذا أن إسرائيل، رغم تفوقها، لم تكن لتصمد أسبوعًا واحدًا من دون الذخيرة الأمريكية، والصواريخ الأمريكية، والمضادات الأمريكية، والدعم السياسي والإعلامي الأمريكي.

هل هذه حرب إسرائيل؟ أم حرب خاضتها أمريكا بالسلاح الإسرائيلي؟ قد تكون إسرائيل انتصرت في بعض التفاصيل… لكنها خسرت في المبدأ الأهم: القدرة على الحسم بمفردها.

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.