على الرغم من تحذيرات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المتكررة من احتمال حيازة إيران لسلاح نووي، إلا أن البروفيسور دي. رودريك كيفيت، أستاذ العلوم السياسية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، يرى أن الأسلحة النووية في أي مكان في العالم لا يمكن استخدامها فعليًا. هذا التصريح، الذي خص به “عصر إيران”، يفتح نافذة للدبلوماسية حتى مع تصاعد الصراعات بين إيران وإسرائيل.
• تحديات الدبلوماسية في ظل التوترات المتصاعدة
لقد زادت الهجمات العسكرية المنسقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل على الأراضي الإيرانية، والتي تمت دون تفويض دولي وتعارضت مع مسار المفاوضات بين طهران وواشنطن، من عدم الثقة تجاه الولايات المتحدة بشكل كبير. كما أضعفت هذه الهجمات الجهود الدبلوماسية الرامية لحل القضايا النووية. الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تؤكد باستمرار على حقها المشروع في تطوير التكنولوجيا النووية السلمية، تعتبر هذا العدوان الصريح والمتعارض مع القوانين الدولية ليس فقط تهديدًا لها، بل لاستقرار وأمن المنطقة بأسرها.
• سياسات ترامب وتأثيرها على المشهد العالمي
من جانب آخر، اكتسبت التطورات السياسية المتسارعة في الولايات المتحدة، خاصة بعد بداية الفترة الرئاسية الثانية لترامب، أهمية متزايدة في فهم السياسات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة. لقد أدخل نهج ترامب تجاه قضايا مثل الهجرة والأحزاب والتحالفات العسكرية كحلف الناتو، الساحة السياسية الأمريكية في مرحلة جديدة. تميزت هذه المرحلة بتركيز أكبر على الموالين سياسيًا، واتخاذ قرارات مثيرة للجدل، وتحديات متزايدة مع الحلفاء التقليديين.
البروفيسور دي. رودريك كيفيت، الذي يعد شخصية بارزة في العلوم السياسية المعاصرة، كرّس جزءًا كبيرًا من حياته الأكاديمية لتحليل دقيق للهياكل والعمليات السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية. أبحاثه الواسعة، لا سيما في مجالات السياسة الداخلية والخارجية الأمريكية، وجدت مكانة خاصة في الأدبيات العلمية لهذا التخصص. كتبه مثل “الاقتصاد الكلي والسياسة الجزئية” و”منطق التفويض” لم تكتفِ بتحليل الهياكل المالية والتشريعية في الكونغرس الأمريكي، بل وفرت أيضًا أساسًا لفهم أفضل لتفاعلات القوة في السياسة الداخلية وصنع القرارات الاستراتيجية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. هذا الخبير في الشؤون الأمريكية استخدم في أبحاثه أساليب كمية وتحليلية لدراسة سلوك الناخبين، وكيفية استجابة الحكومات، وعمليات تخصيص الموارد العامة على مستويات مختلفة من الحكومة الأمريكية.
• ترامب في فترته الثانية : نهج أكثر هجومية
في مذكرة حصرية لموقع “عصر إيران”، حلّل البروفيسور كيفيت التطورات السياسية الأخيرة في أمريكا ونظرة ترامب للقضايا الدولية. يرى أن فترة ترامب الرئاسية الثانية يمكن اعتبارها مرحلة جديدة من رئاسته، تتميز بتركيز أكبر على أجندة واضحة ووجه أكثر عدوانية. خلال هذه الفترة، كان ترامب أكثر انتقائية في تعيين الشخصيات الموالية له في المناصب الرئيسية، ومضى قدمًا بحزم أكبر.
فعلى سبيل المثال، في قرارات مثل حظر دخول الإيرانيين إلى أمريكا، لم يكن الهدف الرئيسي هو الأمن فحسب، بل كان يهدف إلى بث شعور بالتهديد الخارجي في الرأي العام الأمريكي، وهو نهج يذكر بسنوات أزمة الرهائن في طهران. ومع ذلك، وكما أظهر التاريخ، عاد جميع الرهائن سالمين، وهذه الواقعة، وإن كانت مريرة من وجهة نظر الأمريكيين، أصبحت جزءًا من الماضي.
أما التوترات الأخيرة بين ترامب وإيلون ماسك، فلا يبدو أنها ذات أهمية كبيرة. فهذه النزاعات في الفضاء السياسي الأمريكي عابرة وإعلامية بالدرجة الأولى. حتى فكرة ماسك عن حزب ثالث، على الرغم من جاذبيتها الإعلامية، لا تملك فرصة للنمو في الهيكل السياسي الأمريكي الحالي، فالعقبات المؤسسية جدية لدرجة تجعل تشكيل مثل هذا الحزب أمرًا مستحيلاً عمليًا.
لكن أهم ساحة صراع في السياسة الداخلية الأمريكية الحالية هي قضية الهجرة. لقد جعل ترامب هذا الموضوع أحد المحاور الرئيسية لحملته الانتخابية، وسيستخدم جميع الأدوات الممكنة لتحقيق الفوز فيه، حتى الأدوات العسكرية.
كما يستحق نقد أداء الديمقراطيين الاهتمام. ففي مواجهة بعض سياسات ترامب الشعبية، خاصة في مجالات مثل وجود المتحولين جنسيًا في رياضة النساء، أظهر الديمقراطيون ردود فعل غير ناضجة ودون فهم للرأي العام.
• السياسة الخارجية : الناتو والشرق الأوسط
في مجال السياسة الخارجية، لا يزال ترامب ينظر إلى الناتو بعين الشك. اعتقاده — وربما يكون منطقيًا إلى حد ما — هو أن العديد من أعضاء الناتو قد تهربوا لسنوات من مسؤولياتهم الأمنية بالاعتماد على ميزانية الدفاع الأمريكية. ضغط ترامب على الحلفاء لزيادة حصتهم في التكاليف الدفاعية، على الرغم من أنه أثار التوتر، قد يخلق توازنًا جديدًا في العلاقات عبر الأطلسي.
في الشرق الأوسط، وعلى الرغم من التوترات التي شوهدت بين تل أبيب وواشنطن قبل الهجوم الإسرائيلي على إيران، إلا أن التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل لا يزال قويًا.
• بارقة أمل للدبلوماسية
وأخيرًا، السؤال الأكبر فيما يتعلق بالصراع العسكري الإيراني الإسرائيلي هو: هل بقي مجال للدبلوماسية بين طهران وواشنطن؟ في رأي البروفيسور كيفيت، نعم. فعلى الرغم من أن ترامب حذر مرارًا من احتمال حيازة إيران لسلاح نووي، إلا أن الواقع هو أن الأسلحة النووية، لا في إيران، ولا في أمريكا، ولا في أي مكان آخر في العالم، لا يمكن استخدامها فعليًا. أي دولة تفكر في استخدام مثل هذا السلاح ستواجه دمارها الذاتي. قد يبدو هذا الأمل ساذجًا، ولكن أحيانًا تكون هذه الحقيقة المرة هي السبب الوحيد المتبقي للسلام.
• المصدر : عصر إيران
