حرب المسيرات تحاصر السوداني || لا يسمي الفاعل ولا يرد على الفعل!

متابعة | مدار 24

يبدو أن العراق دخل مرحلة خطيرة من التصعيد الأمني، خاصة مع صمت حكومي إزاء هوية الجهات التي استهدفت، بمسيرتين مجهولتين، مطاري أربيل وكركوك، أمس الأول الخميس، لا سيما وأنه جاء بعد أيام قليلة من هجمات مماثلة طالت مواقع أخرى، مما يثير المخاوف من دخول البلاد في حرب تدار في الظل، تحت أجنحة المسيرات.

مختصون في الشأن الأمني، فسروا الصمت الحكومي بالحرج، لعدم قدرة الحكومة على مواجهة الجهة المسؤولة من جهة، والحفاظ على التوازن السياسي الداخلي من جهة ثانية.

وقال الخبير الأمني، أحمد الشريفي، في حديث تابعته “العالم الجديد”، اليوم السبت، إن “الحكومة العراقية في موقف حرج، ولهذا هي ملتزمة الصمت لما يتعرض له العراق من حرب عبر المسيّرات. فالحكومة لا تستطيع الكشف عن الجهة التي تقف خلف تلك الهجمات، ولا تستطيع مواجهة تلك الجهة، ولهذا هي تلتزم الصمت”.

وأضاف، أن “الحكومة العراقية تعرف جيدا من يقف خلف الهجمات بالطيران المسيّر بنسبة 100%، وهذه الجهة هي داخلية تعمل بمؤثرات خارجية، والهدف من ذلك هناك توقع بأن هناك جولة حرب جديدة ما بين إيران وإسرائيل”.

من جهته، قال المحلل الاستراتيجي، سيف رعد، إن “أهم أسباب التعتيم الحكومي، هو معرفة الجهة، والخشية من المواجهة، فمن المحتمل أن الحكومة العراقية تدرك أو تشتبه في أن إسرائيل أو جهة متحالفة معها تقف وراء هذه الهجمات”، موضحا أنه “تم العثور يوم أمس على حطام إحدى الطائرات في أربيل حسب الرقم التسلسلي والشكل العام قد تكون طائرة مسيّرة من نوع (هاروب) الإسرائيلية”، حسب قوله.

وتاب “وقد يكون التعتيم ناتجا عن الخوف من التصعيد مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، وذلك لأن نتائج التصعيد ستكون كارثية على النظام السياسي والاقتصادي العراقي، وقد يكون التعتيم من أجل الحفاظ على التوازن السياسي الداخلي، فالعراق يواجه ضغوطا من فصائل مسلحة التي تدعو دائما إلى طرد القوات الأمريكية وتتهم الولايات المتحدة بتسهيل الهجمات الإسرائيلية، فالتعتيم قد يكون محاولة لتجنب استفزاز هذه الفصائل التي تملك نفوذا سياسيا وعسكريا كبيرا ضمن إطار هيئة الحشد الشعبي، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الحكومة، بالإضافة غياب منظومة دفاع جوي فعالة”.

وأشار إلى أن “تشكيل لجنة تحقيق قد يضع الحكومة في موقف حرج، حيث إن الكشف عن إسرائيل كجهة مسؤولة قد يتطلب استجابة علنية أو عسكرية وهو أمر قد لا تكون الحكومة مستعدة له سياسيا أو عسكريا، كما أن الفصائل المسلّحة قد تعارض أي تحقيق يظهر تورط الموساد الإسرائيلي دون أن يتبعه رد فعل قوي ضده، بالإضافة إلى أنه من الممكن أن تكون حكومة السوداني تحت ضغط من الولايات المتحدة أو حلفاء آخرين، لعدم تصعيد الوضع، خاصة مع وجود خطط لسحب القوات الأميركية تدريجيا بحلول عام 2026”.

ونفت وزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان، ليلة أمس الجمعة، الأنباء التي تداولتها وسائل إعلام إيرانية عن استهداف قاعدة إسرائيلية بطائرة مسيرة في أربيل، مؤكدة أن ما حدث هو سقوط طائرة مسيرة في منطقة خالية، ومتهمة “فصائل تابعة للحشد الشعبي” بالوقوف وراء الهجوم بهدف “إثارة الفوضى”.

وكانت السلطات في كردستان، أعلنت أمس الأول الخميس، إسقاط طائرتين مسيّرتين مفخختين قرب مطار أربيل الدولي، دون وقوع إصابات أو أضرار مادية، فيما أكدت مصادر أمنية أن إحدى المسيّرتين انفجرت في الجو، بينما تم اعتراض الثانية في منطقة سيبيران، على مقربة من المدرج، دون أن تتأثر حركة الطيران.

وقال المدير العام للمطار، دانا توفيق، في حينها، إن إحدى طائرات شركة فلاي أربيل تأخرت عن الهبوط لعدة دقائق بسبب الحادث، لكن بقية الرحلات استمرت بصورة طبيعية، والوضع الأمني في محيط المطار تحت السيطرة التامة”.

وكان العراق شهد، ليلة الاثنين وفجر الثلاثاء الماضيين، عدة هجمات بواسطة طائرات مسيرة ومقذوفات صاروخية استهدفت مواقع مدنية وعسكرية وأخرى للطاقة، كان أبرزها: مطار كركوك الدولي ومصفاة بيجي النفطية ومخيم نازحين وحقل غاز في محافظات كركوك وصلاح الدين والسليمانية، وبلدة زاخو ضمن إقليم كردستان، حيث أسفرت الهجمات عن خسائر مادية، خاصة في مطار كركوك، حيث تعرض مدرج المطار الرئيسي لأضرار كبيرة، بينما تعرض منزل عراقي لسقوط مقذوف حربي أدى إلى خسائر مادية.

وأعلنت دائرة الصحة في كركوك، في حينها، إصابة عنصر أمن أيضا، فيما لم يصدر أي تقرير أمني بشأن الهجمات لغاية الآن، وسط جدل متصاعد بشأن الجهات المتورطة في تنفيذها وهدفها من هذه العمليات.

وسبق أن طالت الضربات الجوية مواقع عسكرية مهمة في أواخر حزيران يونيو الماضي، أبرزها قاعدة التاجي شمالي بغداد، وقاعدة الإمام علي الجوية في ذي قار، حيث تسببت المسيرات حينها بتدمير أنظمة للرادار والاتصالات، واندلاع حرائق في مستودعات الذخيرة.

ويثير تصاعد هذا النوع من الهجمات تساؤلات حول قدرة الدولة على تأمين منشآتها الحيوية، خاصة في ظل تكرار الاستهدافات وفشل منظومة الدفاع الجوي في التصدي للطائرات المسيّرة منخفضة الارتفاع، ما يشير إلى وجود ثغرات جدّية في البنية الأمنية، بحسب مختصين.

وتعتزم لجنة الأمن والدفاع النيابية، بالتزامن مع انتهاء العطلة التشريعية للبرلمان، عقد اجتماع هام الأسبوع المقبل، لمناقشة الخروق الأمنية المتكررة، حيث تبنت لجنة الأمن البرلمانية متابعة الملف، مؤكدة أنها تهدف خلال الاستضافة إلى الوقوف على تفاصيل الانتهاكات المتكررة، وتقييم الإجراءات الرسمية المتخذة لمنع تكرارها مستقبلاً، بما يعزز من مكانة العراق السيادية في المحافل الدولية ويؤكد حقه المشروع في الدفاع عن أرضه وأجوائه.

ويجري ذلك في ظل تصاعد الأصوات المطالبة بتطوير منظومة الدفاع الجوي، وسط انتقادات للحكومة واتهامات لها بإهمال الملف، وهو ما أثر على عدم قدرة البلاد على حماية الأجواء من الخروقات.

وكان المحلل السياسي، والمقرب من الإطار والفصائل المسلحة، عباس العرداوي، ألمح في 24 حزيران يونيو الماضي، إلى أن استهداف الرادار كان من قبل بعض الفصائل لمساعدته بالحرب ضد إيران مع إسرائيل، ليعيد ملف الفصائل إلى الواجهة، الأمر الذي أدى الى اعتقاله بتهمة التحريض والإساءة والتشهير بالمؤسسة الأمنية والإضرار بالأمن القومي.

ويُعد تسليح الجيش العراقي غير متطور نسبيا، لا سيما في ظل ما شاب صفقات السلاح التي أبرمتها الحكومات السابقة من فساد كبير، تسبّب بتعليق الكثير منها، خصوصا تلك التي أُبرمت في زمن حكومة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، ومنها صفقة السلاح الروسية، وغيرها.

* المصدر : العالم الجديد

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.