مهستي الگنجوية : صوت خالد من المقاومة والتألق الشعري

خاص | مدار24

في قلب القرن الثاني عشر الميلادي، حيث كانت أصوات النساء تتلاشى وسط صخب التقاليد والذكورية، ظهرت امرأة لم تتحدث همسًا، بل تحدثت شعرًا. اسمها مهستي الگنجوية، امرأة حاول التاريخ إخفاءها في ظلال الأسطورة، لكن شعرها لا يزال ينبض بالحياة، الفكاهة، والجرأة. ولدت مهستي في مدينة گنجه – في جمهورية أذربيجان الحالية – وأصبحت واحدة من أوائل الشاعرات الفارسيّات اللواتي كتبن الشعر، وغالباً ما كانت تكتب في قالب الرباعيات.

على عكس الشعراء الرجال من عصرها، كتبت مهستي الگنجوية من منظور كان نادرًا ما يسمع من قبل: منظور امرأة أحبت، طلبت، شكت، ورفضت. كانت قصائدها، المزينة باللغة الكلاسيكية، تحمل نظرة أنثوية مستقلة تحدت المعايير الجندرية في عصرها. المعلومات المؤكدة عن حياتها الشخصية قليلة، لكن الباحثين يعتقدون أنها ربما عاشت في بلاط الشروانشاهات أو السلاجقة، وخاضت مناظرات شعرية مع النبلاء ورجال البلاط.

ما يميز شعر مهستي الگنجوية ليس فقط جماله اللغوي، بل جرأة التعبير عن الذات. تحدثت عن امرأة كانت ذاتًا مفكرة ونشطة. تقدم رباعياتها صورة لامرأة تدرك قيمتها. إحدى الرباعيات المنسوبة إليها تقول:

“أنا ابنة العنب، ثمرة الخمر

متحررة من طريقة الزهّاد

إن سمعت قصتي مع الخمر، فاعلم

هذه القصة حقيقة، وليست أسطورة”

هذا ليس كلام امرأة سلبية أو في الظل. هذا هو صوت امرأة تدرك القوة وتكتسبها بالكلمة. على مر القرون، أحيانًا ما ظل إرث مهستي محتجبًا في ظل أسماء عظيمة مثل خيام، مولانا، وسعدي، لكن تأثيرها على الشعر الفارسي – خاصة بين النساء – لا يمكن إنكاره. من الشاعرات المجهولات في العصر الصفوي إلى الأصوات المعاصرة مثل فروغ فرخزاد، جميعهم مدينون إلى حد ما للطريق الذي مهدته مهستي.

شجاعة وصراحة مهستي الگنجوية ولغة احتجاجها في قصائدها مدهشة، ويتضح من رباعياتها أنها في مرحلة من حياتها دخلت السجن وعانت من الأسر والقيود.

في عام 2006، احتفلت اليونسكو بالذكرى التسعمائة لميلاد مهستي الگنجوية – تكريمًا متأخرًا لامرأة تحدثت في عصر الصمت. اليوم، تُقرأ رباعياتها وتُترجم في إيران، أذربيجان، وفي جميع أنحاء العالم الناطق بالفارسية. اسمها، الذي ضاع ذات يوم في غبار النسيان، يعود مرة أخرى إلى ذاكرتنا الثقافية – ليس فقط كشخصية تاريخية، بل كصوت خالد من المقاومة، الجمال، والتألق الشعري.

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.