يُعتبر البروفيسور جفري سي. ألكسندر من أبرز المفكرين المعاصرين في نظرية الثقافة الاجتماعية، وقد ساهم بشكل كبير في إعادة تعريف علم الاجتماع الثقافي. تُركز نظريته على أن الثقافة ليست مجرد عنصر هامشي، بل قوة أساسية ومسببة في تحليل العمل الاجتماعي، مؤكدة على “المعاني الجماعية” كوسيط أساسي للعلاقات الاجتماعية. في إيران، تُعرف أعمال ألكسندر النظرية، لكن هذا الحوار يبرز مواجهته المباشرة مع الفكر الإيراني وتعامله مع قضايا حديثة مثل المعنى والعقلانية والدين والسرد والديمقراطية.
• تحدي الفهم الاختزالي للحداثة :
على عكس التفسيرات الاختزالية للحداثة، يؤكد ألكسندر أن “المعنى” لم يختفِ في المجتمعات الحديثة، بل أُعيد إنتاجه بأشكال أكثر تعقيدًا وتعددًا ورمزية. بالاعتماد على أعمال دوركيم المتأخرة، وعلم الدلالة، والتأويل، ودراسات السرد، يرى ألكسندر أن المجتمع الحديث لا يمكن فهمه إلا من خلال إدراك الثقافة كنظام رمزي يتمتع باستقلالية نسبية. يميز بشكل إبداعي بين الدين بحرف “r” صغير والدين بحرف “R” كبير، مؤكداً أن حتى أكثر المجتمعات علمانية تعتمد على نوع من التجربة الرمزية والطقسية والأسطورية.
• قراءات ألكسندر للنظريات الكلاسيكية :
في بداية الفصل، طُلب من ألكسندر تقديم شرح موجز لقراءته لنظريات علم الاجتماع الكلاسيكي، خاصة فهمه لعلم الاجتماع الثقافي. يُشير ألكسندر إلى أن التيار السائد في علم الاجتماع الحديث يربط الحداثة بالعقلانية (وفقًا لفهم ماكس فيبر) أو بالتحول إلى السلعة (وفقًا للماركسية)، ويرى أن هذه النظرة غير صحيحة.
يرى ألكسندر أن الحداثة لا تعني إزالة المعنى بالكامل، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي. لاستكشاف هذا، لجأ ألكسندر إلى أعمال دوركيم وأعاد تفسيرها. ويعتقد أن دوركيم، في أعماله اللاحقة، قد عدّل فهمه للحياة الحديثة من خلال إدراكه لأهمية الدين، وهو أمر مهم في السياق الإيراني أيضاً. يعتبر كتاب “الأشكال الأولية للحياة الدينية” (1911) لدوركيم أهم أعماله، حيث درس فيه المجتمعات الأصلية في أستراليا لفهم طبيعة الإنسان الدينية، وليس فقط لفهم المجتمعات القديمة. يرى ألكسندر أن دوركيم درس هذه المجتمعات ليس لفهم مجتمع قديم، بل لتكوين رؤية جديدة للمجتمع الحديث، مجتمع لا تزال فيه جميع هذه الخصائص موجودة ولكن في شكل مختلف.
