أفادت وكال مهر الايرانية للأنباء، عن وفاة الفنان الإيراني الشهير محمود فرشجيان رائد فن المنمنمات الإيرانية، في الساعة الثامنة من صباح اليوم، الموافق 9 أغسطس/آب، حسبما أعلن ابن شقيقه، وكان الراحل قد نُقل إلى المستشفى مؤخرًا إثر تدهور حالته الصحية، ودخل في غيبوبة قبل أن يفارق الحياة صباح الجمعة. عن عمرٍ ناهز ال 95 عاماً.
وُلد الفنان والرسام محمود فرشجيان، في 24 يناير 1930 في مدينة اصفهان(وسط ايران) ويُعرف بأنه أحد أكثر الرسامين الإيرانيين تأثيرًا وإبداعًا في القرن الماضي. وأحد أبرز رموز الفن الإيراني المعاصر، حيث ترك إرثًا فنيًا خالدًا أثرى الثقافة والفن في إيران والعالم.
بدأ دراسته في مدرسة أصفهان للفنون الجميلة، ثم أكمل مسيرته الفنية في أوروبا. أظهر منذ نعومة أظفاره، عبقريته وموهبته الخاصة في مجال الرسم. ومن خلال الجمع بين مدرسة الرسم الإيرانية التقليدية والأساليب الحديثة، أبدع فرشجيان أعمالاً فنية عُرضت في متاحف مرموقة حول العالم وفي البلاد، مثل مرقد الإمام الرضا (ع).
كان والد فرشجيان نقيباً لتجّار السجاد بأصفهان ويعكف على شراء وجمع أعمال قيمة رائعة. ولمّا شاهد الأب هذا النبوغ الغزير في إبنه، أخذ بيده الى ورشة عمل الأستاذ الحاج ميرزا آقا إمامي، حيث الرسوم واللوحات الفنية.

تتلمذ فرشتشيان على يد الاستاذ عيسى بهادري. وعندما كان فرشتشيان مراهقاً كانت أساليب التعليم تختلف عمّا هي عليه الآن. وكما يقول هو بهذا الصدد إن الاستاذ بهادري كان يحدّد لتلامذته نماذج من على قطع قاشانية بأصفهان ويقارن فيما بين الرسوم والنقوش الرئيسة وتلك التي رسمها التلاميذ، ويطلب منهم المقارنة بين النماذج التي فعلوها بأيديهم والنقوش الاصلية والكشف عن أخطائهم ومن ثمّ يطلعهم مباشرة على ما يجده من الأخطاء الناجمة عن عملهم.
فرشجيان وبعد أن أتمّ تتلمذه على يد الاستاذين إمامي وبهادري وكذلك تخرجه من مدرسة الفنون الجميلة بأصفهان، سافر الى أروبا لتلقي دورة الفنون الجميلة لدى معهد الفنون الجميلة. وتفرّغ سنوات عدّة للدراسة والبحث في أعمال الفنانين الغربيين في المتاحف. وكان فرشتشيان، وكما يقول هو، أول من يدخل المتحف حاملاً معه رزمة من الكتب والأقلام، وفي نهاية المطاف، كان هو نفسه آخر شخص يخرج من هناك. ولم يكتف فرشتشيان بذلك بل حاول أن يدرس الفنون القديمة والمعاصرة في كل من أروبا واميركا بشكل كامل وأنس بالعصر العالمي للفن، غير أن الاستاذ مازال يحفظ وفاءه والتزامه التام تجاه الفن الايراني.
عند عودته الى ايران، بدأ فرشجيان عمله في الدائرة العامة للفنون الجميلة بطهران وتمّ تعيينه مديراً للدائرة الوطنية واستاذاً لكلية الفنون الجميلة بجامعة طهران. ولم يقتصر أهتمامه على فن الرسم بل توسع ليشمل الأدب العرفاني و الشعر الصوفي فضلا عن كتابة الشعر واصبح بذلك فنانا بكل ما للكلمة من معني يخلق أعمالا فنية بديعة و مذهلة .
تتميز أعماله باشتمالها على مواضيع دينية. وأن العمل الأكثر شهرة وخلودا للمعلم فرشجيان والذي لا يزال محفوظًا حتى الآن هو لوحة “مساء عاشوراء”. اللوحة تجسد مشهدًا من يوم عاشوراء في كربلاء، وتحديدًا بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، وتصور عودة حصان الإمام(ع) إلى خيام أهله بعد المعركة، مع التركيز على مشاعر الحزن والأسى لدى النساء.
إن مواضيع لوحات فرشجيان مستوحاة من الأدب و الثقافة الإسلامية الإيرانية والكتب المقدسة سواء الإسلامية او المسيحية واليهودية إضافة إلي موضوعات تنشأ من خزانة خياله العميق و تأملاته البديعة و كذلك النباتات والحيوانات في تراكيب ملونة لها خلفية حيوية و مليئة بالنغمات و مساحات غنية بحالات متنوعة و معبرة.
إن لوحاته مثل “ضامن الغزال” و”مساء عاشوراء” و”الملجأ” و”الشمس ومولانا”، إلى جانب تصميمات مرقدي الإمامين الرضا (عليهما السلام) والحسين (عليهما السلام)، ليست سوى نماذج من بحر الإبداع الباهر وعمق الرؤية الروحية للأستاذ فرشجيان، والتي ستظل خالدة في قلوب محبي الفن ومحبي أهل البيت (عليهم السلام). كما تُحفظ وتُعرض أعماله العظيمة والخالدة في متاحف ومجموعات مرموقة حول العالم، وهي تجسّد الفن الإيراني للعالم أجمع.
• ادناه مختارات من أعماله الفنية :







