يواصل المغرب الحفاظ على موقعه المهيمن بين دول جنوب البحر الأبيض المتوسط كوجهة رئيسية لاستقبال أفواج السياح الأوروبيين، لا سيما المتقاعدين منهم، الذين يفضلون السفر بمركبات التخييم (الكارافانات) والحافلات الخاصة.
تختار هذه الشريحة الكبيرة من السياح المملكةَ لقضاء عطلها الموسمية والسنوية، معتبرةً إياها “وجهة سياحية جديرة بالاكتشاف”، خاصةً مناطقها القروية والصحراوية. ويتأكد هذا التوجه من خلال المشاهدات الميدانية والتحليلات عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وبناءً على الرغبات المُعبَّر عنها افتراضياً، من المتوقع أن يصل المغرب أفواج جديدة من السياح الأوروبيين خلال الفترة الممتدة ما بين دجنبر وفبراير المقبلين، حيث اختاروا استكشاف مناطق متنوعة من المملكة عبر مركباتهم الخاصة كوسيلة سفر أقل كلفة.
ويستقر الكثير من هؤلاء السياح حالياً في المغرب، مستفيدين من محطات الاستراحة والفضاءات التي تقدم خدمات مختلفة، بما في ذلك الإيواء، سواء في الجنوب الشرقي أو وسط المملكة والمناطق الأخرى المعروفة بهذا النوع من الأنشطة.
وبعد الشهرة التي اكتسبتها الوجهة المغربية في فتح الباب أمام استخدام الناقلات الشخصية للرحلات السياحية، ظهرت مجموعات ومنتديات رقمية متخصصة. تساهم هذه المجموعات في تقديم معلومات دقيقة حول الوجهة وأبرز ما تقدمه من عروض في السفر الحر، وتساعد أيضاً السياح الذين يختارونها لأول مرة.
من بين الوافدين، أكدت تيف مانيس، وهي سائحة فرنسية وصلت قبل حوالي ثلاثة أسابيع رفقة زوجها، في منشور لها، أن الرحلة “قادتهُما إلى صحاري الجنوب الشرقي، وتحديداً مرزوكة”، مشيرةً إلى أنهما “لقيا استقبالاً حاراً من قبل مقدّمي الخدمات بالمنطقة”.
في السياق ذاته، تساءلت كاتي سيلسفتر، سائحة أوروبية، عن “وجهاتٍ ومدن أخرى يمكن أن تضيفها إلى جولتها المقررة في المغرب خلال شهري يناير وفبراير، والتي ستشمل شفشاون وورزازات والصويرة”، معبرةً عن خشيتها من “مواجهة الثلوج خلال هذه الفترة”. وتطرح سيسيل شاتانيون، التي ستسافر إلى المغرب لأول مرة مطلع شهر يناير، أسئلة مماثلة، مع تركيز رحلتها على جنوب المغرب وتحديداً مدينة أكادير.
أما ميغيل فيريدو، وهو سائح من لشبونة في الخمسين من عمره، فيتطلع إلى القيام بجولة شاملة في المغرب باستعمال حافلته الخاصة، لكنه أكد عبر الإنترنت أنه لم يجد الفرصة مواتية لذلك بعدُ.
وعلى مستوى هذه التجمعات الرقمية، يكثر تساؤل السياح الأوروبيين، وغالبيتهم من المتقاعدين، حول الإجراءات والرخص اللازمة وتكلفة التنقل إلى المغرب عبر البواخر، انطلاقاً من الموانئ الإسبانية أو الفرنسية. وعادة ما يجد هؤلاء عروضاً مقدمةً من طرف أرباب فضاءات التخييم المتمركزة في عدد من المدن والمراكز شبه الحضرية، بالإضافة إلى مهنيين متخصصين في إصلاح المركبات والعربات المستعملة في هذا الجانب.
وقال أحمد رمضاني إن “التوظيف الصحيح لهذه الخدمات يمكن أن يصب في مصلحة قطاع السياحة بشكل كبير جداً، خصوصاً وأن المغرب يحافظ على موقعه باستمرار”.
▪️تساؤلات حول القيمة الاقتصادية المضافة
على الرغم من الأرقام المشجعة لعدد السياح الوافدين، والتي بلغت حوالي 15 مليون سائح حتى نهاية شتنبر الماضي، إلا أن هذا النمط السياحي يواجه انتقادات متزايدة بخصوص مدى مساهمته الفعلية في الاقتصاد المحلي.
شكك محللون ونشطاء محليون في مدى استفادة الدولة من هذه الفئة، حيث أشار “رضا الفاسي” إلى أن “الدولة لا تستفيد من هؤلاء السياح أي شيء يُذكر، فهم لا ينزلون في الفنادق ولا يرتادون المطاعم ولا المتاحف، ويقضون معظم وقتهم في عرباتهم المتنقلة”. وطالب بتطبيق رسوم رمزية عند الدخول.
كما أضاف “طارق بنعيسى” أن هذا النوع من السياحة، بالإضافة إلى السياحة منخفضة التكلفة، لا يحقق الطفرة الاقتصادية المرجوة، مشيراً إلى أن “سياحة الكارافانات زائد سياحة رايانير بميزانية 200 يورو لا تحقق تقدماً”.
ويؤكد “يوسف الشرايبي” هذه النقطة، مشدداً على أن “الكرافانات ليست في صالح السياحة المغربية؛ فهؤلاء الناس كم ينفقون عند حلولهم بأرض المغرب سوى ثمن ضئيل؟ نحن نبني الفنادق ليعمرها السياح ونحسب عدد ليالي المبيت، وليس شراء حبتين من الطماطم من طرف الكرفانات”.
وتشير هذه الانتقادات إلى ضرورة مراجعة السياسات لضمان تحقيق استفادة اقتصادية أكبر من هذا التدفق السياحي الكبير.

يبدو أن المغرب يحقق نجاحًا كبيرًا في جذب السياح الأوروبيين، خاصةً المتقاعدين. من الرائع أن تستمر البلاد في تطوير مناطقها الريفية والصحراوية لتعزيز تجربة الزوار.