في عالمنا المتسارع، لم يعد يكفي أن تكون التكنولوجيا سريعة؛ بل يجب أن تكون “ذاتية القيادة”. هذا هو الوعد الذي يحمله الجيل الجديد من متصفحات الذكاء الاصطناعي مثل “Perplexity” و”Arc Search”. إنها تعد بتحريرنا من عناء التصفح اليدوي عبر سيول الروابط، لتقدم لنا بدلاً من ذلك، الإجابة المقطرة والجاهزة. ولكن، بعد تجربة هذه الأدوات، لا يسعني إلا أن أتساءل: هل هذا الاختراع الجديد هو راحة مستحقة أم مجرد تدريب قاسٍ على الصبر؟
يُعجبني، كغيري، فكرة أن يكلف المرء الآلة بمهمة معقدة، فتبدأ بالبحث عن أفضل المصادر، والتحقق من الحقائق، ثم تقدم ملخصاً متكاملاً حول موضوع ما. هذا يجسد ذروة “الكفاءة” التي نتمناها. تخيل أن تطلب من المتصفح أن يخطط لك قائمة تسوق متكاملة لـ 5 وجبات عشاء، بدلاً من تضييع الوقت في التنقل بين عشرات الروابط والوصفات.
لكن الواقع الذي كشفته التجربة يختلف عن الحلم الوردي.
▪️ثمن التلخيص هو الوقت
عندما يطلب المرء من متصفح AI أن يقوم “بالتصفح لأجلي” (Surf for Me)، يجب أن ندرك أن العملية ليست سحرية. الآلة تحتاج إلى وقت لأداء ما كنا نفعله نحن: النقر، القراءة، المقارنة، والتلخيص. ولهذا، فإن الانتظار دقيقتين أو ثلاث دقائق للحصول على ملخص للإجابة يمثل تناقضاً صارخاً مع السرعة الفورية التي اعتدنا عليها في محركات البحث التقليدية. نحن نفضل عادةً الإجابة السريعة (حتى لو كانت في شكل روابط)، على الإجابة الشاملة المتأخرة. الصبر هنا، يصبح عملة نادرة في عصرنا الرقمي.
▪️عدم الكفاءة والأخطاء الغبية
المشكلة الأعمق ليست في الوقت فحسب، بل في دقة النتائج. المتصفح الذي يخطئ في عد مقاعد السيارة، أو الذي يفشل في تقديم معلومات حديثة ويقترح علي كتب خريف “قد تكون في أبريل 2025″، يوضح لنا أن هذه الأدوات لم تنضج بعد.
إنها أدوات غير فعالة (Inefficiënt) لأنها لا تزال تفتقر إلى الحس البشري الذي يمكّننا من تمييز السياق وتصفية المعلومات الزائدة أو غير ذات الصلة. إنها تقوم بالوظيفة، نعم، ولكنها تفعل ذلك ببطء، وأخطاء، وتفاصيل غير ضرورية.
▪️الخلاصة: العودة إلى الأساسيات (مؤقتاً)
بينما ننتظر أن تصبح هذه المتصفحات الذكية أكثر سرعة ودقة، فإنها تبقى مجرد مفهوم واعد، لكنه في مرحلة التدريب. شخصياً، سأعود إلى استخدام “Google Chrome” و”Atlas” الموثوقين. أريد أن أكون المتحكم في رحلة بحثي، وأفضل السرعة على التلخيص الناقص.
لذا، إذا كانت متصفحات الذكاء الاصطناعي الجديدة هي حقاً المستقبل، فعلينا جميعاً أن نتحلى بالصبر، وأن ندرك أن الطريق إلى التصفح “الذكي” و”الفعال” لا يزال طويلاً.

المقال يطرح تساؤلات هامة حول فعالية متصفحات الذكاء الاصطناعي. من الجيد التفكير في التوازن بين الراحة والاعتماد على التكنولوجيا.
df1hwh