دبلن في كتابات جيمس جويس، والقاهرة في روايات نجيب محفوظ

أسرة التحرير | مدار 24

يقول الكاتب والمترجم المصري ماهر البطوطي : “إن زالت مدينة دبلن من الوجود لأمكن إعادتها مرة أخرى بناءً على وصف جيمس جويس في روايته “عوليس”، ويكاد هذا القول ينطبق على أحياء القاهرة القديمة في كتابات نجيب محفوظ.”

 

لأن الكتابة حفر في الذاكرة، ونقش على الصخر، وتصوير حي لما يبرع الكاتب في ذكره لتكون كتاباته شاهدة على عصر من تأريخ وروح وحياة، فيخلد أحدهم المدينة، بأزقتها وحاناتها وبساكنيها في حالات حزنهم ويأسهم وفرحهم وانفعالاتهم، كما لا يغفل عن ذكر عادات وتقاليد وانماط المجتمع.

 

يمكن للكتابة أن تعيد الروح لجسد ميت، والحياة لمدينة منكوبة، وتعيد الألق لحانة معزولة، والنور لزاوية مظلمة، كما يمكن للكاتب أن يعيد تجسيد الواقع والتاريخ ويرسم في الوقت نفسه ملامح للمستقبل.

▪️دبلن في كتابات جيمس جويس :

 

غادرها عام 1912م حيث لا عودة، وهو الذي صرح مرة “أنا مغرم بدبلن” وما كان جيمس جويس ليُنصف دبلن لو لم يكتب عن حاناتها. فلا تزال العديد من الحانات التي كتب عنها جويس قائمةً كتاريخ أدبي حي، ويمكنك زيارتها كما فعل الكاتب وشخصياته.

 

وقد كتب الأديب الأيرلندي جيمس جويس مجموعة قصصية تتكون من 15 قصة قصيرة، صدرت بعنوان “ناس من دبلن” عام 1914م حيث عالج فيها حياة الأهالي في مدينة وعاداتهم وتقاليدهم والحالة الروحية في الفترة بين الاحتلال والاستقلال، وكشف عن طموح جيل للانتقال إلى مُثل عليا، باحثًا عن الجذور التي تبنى عليها حياة جديدة ترتبط بالحياة الحديثة وقيم التقدم،

 

وتشمل الحانات الأخرى المذكورة في رواية “يوليسيس”

نقابة المحامين الدولية في شارع ويكلو، الذي كان يُسمى في زمن جويس “روجي أودونوهو”. دارت بين الأستاذ ومايلز كروفورد محادثة عميقة في العصر الفيكتوري. وفي شارع ميدل آبي، الذي أُعيد بناؤه بالكامل بعد تدميره خلال انتفاضة عام 1916. في الفصل الخامس من رواية “يوليسيس”، يلتقي بلوم مع ماكوي في كونواي في ويستلاند رو، المعروف الآن باسم “كينيدي”

▪️القاهرة في كتابات نجيب محفوظ :

 

في روايته “القاهرة الجديدة” يرسم نجيب محفوظ ملامح القاهرة الخديوية (وسط البلد) في فترة الثلاثينيات من القرن العشرين، من جروبي، للأوبرج، ومن مسرح عماد الدين، لسينما مترو. وهي أماكن كانت ملتقى لمختلف طبقات المجتمع، حيث التقى فيها الفنون والفساد، مما جعلها ارض خصبة لرواية محفوظ برمزية متقنة.

 

ومن قلب الحسين، ثمة زقاق ضيّق ومنعزل، شخوصه وحكاياته ترسم صورة حية للمجتمع المصري إبان الحرب العالمية الثانية، والذي كان مادة خام رواية محفوظ “زقاق المدق” كما في خانٌ يتجاوز عمره ستمئة عام، ويعود تاريخه إلى عهد جهاركس الخليلي. يجمع بين الماضي والحاضر، وبين الأصالة والمعاصرة، وقد تشكلت بداخله حكايةٌ من الحب واليأس، خلدها نجيب محفوظ في روايته “خان الخليلي”

 

وبين القصر الشرقي للخليفة المعز لدين اللّٰه الفاطمي والقصر الغربي لابنه. ثمة منطقة ظلت بنفس الاسم بحي الجمالية شهدت أول حكايات عائلة السيد أحمد عبدالجواد، ضمن ثلاثية هي الأهم في الأدب المصري والعربي فكان هذا الجزء يحمل عنوان “بين القصرين” وجائت الرواية الثانية بعنوان “قصر الشوق” وهو شارع حافظ على اسمه منذ أن سكنته في قصرها الملكة شوق، بحي الجمالية، عاش فيه نجيب محفوظ وكبرت فيه شخصيات روايته الثلاثية التي كان آخرها “السكرية” وحارة السكرية التي اشتهرت بتجارة السكر والمكسرات والشموع، فكانت المحطة الثالثة في الثلاثية التي وثقت حياة عائلة السيد أحمد عبد الجواد على مدار ٣٠ سنة، بين ٣ أجيال مختلفة.

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.