القرقعات
هنري ميشو
ترجمة: مبارك وساط
مع انصرام طفولتي، كنتُ أنغمس في مستنقع. كانتْ أصوات نباح تُـدَوّي في كلّ جانب. «ما كنتَ لتسمعها بهذا الشكل الجيّـد لو لم تكن أنت نفسُك مستعدّاً للنّـباح. إذن فانْبَح» لكنّي لم أستطع.
بعد سنواتٍ مرّتْ، بلغتُ أرضاً أكثر صلابة. سُمِعتْ بها قرقعات، في كلّ مكان قرقعات، وحقّاً رغبت في أن أَتقَرقع أنا أيضاً، لكن ما كان هذا الصّوت ليصدر عن لحم الجسد.
لا أستطيع على أي حال أن أَشرع في النّشيج، فكّرت، فأنا قد أصبحتُ رجلاً تقريباً.
استمرّت هذه القرقعات عشرين سنة وكلّ شيء كان قرقعةً في قرقعة. أصوات النباح كانت تُسمع وهياجها يزداد. حينئذ بدأتُ أضحك، إذ لم يعد لديّ أمل، وكلّ أصوات النّباح كانت في ضحكتي وكذلك الكثير من القرقعات. وهكذا، فرغم يأسي، كنتُ أشعر أيضاً بالرّضى.
لكنْ لا النباحُ توقّف، ولا القرقعات، وكان لازماً ألّا ينقطع ضحكي، رغم أنّه كان في الغالب مؤلماً، إذ وَجب أن تُجعل فيه أشياء بالغة الكثرة ليَفي حقّاً بالمطلوب.
هكذا كانت السّنون تمضي في هذا القرن السّيئ. وهي لا تزال تمضي…