الجولاني كما يراه عبد اللطيف السعدون

أحمد البصري

أحمد البصري

في مقالٍ مثير للجدل حمل عنوان: <<أحمد الشرع في دمشق… وماذا بعد؟>>، تناول الكاتب العراقي عبداللطيف السعدون جانبا من مسيرة أبو محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام والقائد العام للإدارة السورية الجديدة، بطريقةٍ أثارت تساؤلاتٍ حول منهجيته في تناول شخصيةٍ مثيرة للجدل كهذه. إنَّ محاولة تقييم شخصيةٍ الجولاني لا يمكن لها ان تكون أبدا مسألة ذوق شخصي، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بشخصٍ ارتكب جرائم ضد الإنسانية.

يبدأ السعدون مقاله بجملةٍ مفتاحية: “لك أن تحبّه أو أن تكرهه، أن تتّفق معه أو أن تختلف. تلك مسألة خاصّة بك، “. هذه الجملة تعكس محاولةً لتجنب المسؤولية الأخلاقية والقانونية المترتبة على أفعال الجولاني، وتحويل النقاش إلى مجرد تفضيلات شخصية.
ليس الجولاني شخصية مثيرة للجدل كي يتم ادراج تقييمها في مجال الذوق الشخصي، بل هو شخصية قيادية في فصيل مسلح (تنظيم القاعدة) شارك في عشرات الجرائم ضد المدنيين في العراق. هذه الجرائم موثقةٌ بشكلٍ جيد، ولا يمكن تجاهلها أو تبريرها بحجة الاختلاف في الرأي.

تؤكد التحقيقات القانونية العراقية، المدعمة باعترافات الجولاني نفسه في الحوار الذي اجرته معه قناة بي بي سي تورطه في جرائم إرهابية جسيمة. إن إصدار مذكرة قبض دولية بحقه، نتيجة لهذه التحقيقات، يعد دليلاً قاطعاً على تورطه في أعمال عنف طائفية واسعة النطاق. هذه الإجراءات القانونية تضع حداً للجدل وتؤكد بشكل لا يقبل الجدل تورطه في تنظيم القاعدة

في حين يعترف الجولاني نفسه وبعظمة لسانه في لقاء بي بي سي معه بأنه كان فعلا في “تنظيم القاعدة للدفاع عن أرض العراق ضد الغزو الأميركي”!
واللافت في اعتراف الجولاني انه لا يخلو من تزييف للحقائق فلم يكن نشاطه ضد الغزو الأميركي بقدر ما كان مشروعا طائفيا بحت استهدف المدنيين العراقيين الأبرياء وقد شارك الجولاني في سلسلة طويلة من التفجيرات الإرهابية التي خلفت وراءها آلاف الشهداء والجرحى، حيث استهدفت هذه التفجيرات المدنين الأبرياء في مساجدهم وأسواقهم ومناطقهم السكنية. ومن أبرز هذه التفجيرات تلك التي وقعت في مدن كربلاء والنجف والبصرة وكركوك والموصل، والتي أودت بحياة مئات الشهداء وجرحت الآلاف. ففي مدينة الصدر وحدها، سقط أكثر من 202 شهيد في تفجير واحد، وفي كربلاء خلال مراسم عاشوراء عام 2004، استشهد أكثر من 180 شخصًا. هذه الأرقام الصادمة تكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي عانى منها الشعب العراقي جراء هذه الأعمال الإرهابية التي استهدفت النسيج الاجتماعي والوطني للبلاد.”
إنَّ مقال السعدون يمثل محاولةً لتبييض صورة الجولاني وتجنب المسؤولية عن جرائمه. يجب علينا أن نكون حذرين من هذه المحاولات، وأن نصرّ على المحاسبة القانونية على الجرائم المرتكبة، بغض النظر عن الانتماءات السياسية أو الأيديولوجية.
وبغض النظر أيضا عن المناصب التي يتبوءها المتهمون بملفات ارهابية خلفت آلاف الضحايا من المدنيين الأبرياء.

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.