آلفريدو بيريث آلنكارت||منتخبات شعرية

ترجمة:عبدالهادي سعدون

آلفريدو بيريث آلنكارت
ترجمة:عبدالهادي سعدون

 

 

الرِحلة

أعلمُ أن قلبكَ في هذه الرِحلة

مفتت إلى ألف قطعة

وانا أعرف أنك ستقول

أن هذا لن يشكل عقبة في الوصول إلى وجهتك.

برق مشتعل في الليل

ليضيء منارة حاجتك. أنا أعرف

أنكَ الآن ترتاب بعين الحياة الهائلة،

هكذا بقبضة يدك المليئة بالأوراق الجافة!

هكذا بغصن ينقلب إلى رماد!

هكذا تُجدِفُ حتى تسخنَ قَحفتك!

 

صدر الانتظار الملتهب، بعيداً عن العِصي السحرية،

بالقرب من عَرق الحدود بعلامات المعصية.

تصرخُ: “افتحوا لي،

حتى لو لن تتعاطفوا مع بكائي!”

أعلمُ أنكَ تخرجُ بمصباح يدوي بدون لمبة

وأنا أعلم أن التوبيخ لا يؤذيك،

لا الاعتراضات الشديدة،

ولا الغبار الذي يتراكم على محياك.

يا لمعاناتك بعيدا!

ويا لعواقب

ملاحقة الجوائز الواهية الشهية!

كرجل أعمى

تتوقع عمليات صلب متعددة: هناك، هناك، هناك …

وأنت تصرخُ: “اتركوا لي حوضاً

لتروي فيه شفتاي ظمئها”.

أعلمُ أن قلبكَ في هذه الرِحلة مفتت إلى ألف قطعة.

 

شغف

 

نحن أنفاس الوقت

أو أصوات تسمعها أطول شجرة على وجه الأرض.

لا ظلال، لا حدود.

تطهير سري في الفراغ العظيم

لصورتك مع صورتي،

هناك حيث لا تتصدع الحياة أبداً

إذا ما توقفت عن النظر إلى ابتسامتك

أو القلب الذي خطفته البواخر.

 

أعلم أنك تتألق في لهب نظري،

لأنك نور مشدود إلى جسدي

المليء بالكلمات لليل الوجود

بجانبك، العائدة إلى الأصل،

موسيقى تتحدث عنا

زهور أوركيديا تتحسن ألوانها إذا ما قُمت بتسميتك.

لا شتاء ولا خريف.

تعاطف مؤكد جدا حول النهر

وطيور المناطق المدارية والهضاب.

 

نحن أنفاس الوقت، يا أميرة،

وهذا الشغف أمر طبيعي، هذا العري التام

مصحوب بغناء الملائكة

بينما الله يفتح لنا نافذته.

قصيدة للأوقات العصيبة

 

اسمح لي أن أخبرك

أنه إذا كان السلك البارد للشتاء المظلم

يغرز مساميره الصدئة في حنجرتك

فلا شيء مفقود بعد.

وإذا كان جسدك الآن موضوع غضب

متواصل يمشي من خلاله ليحيله خراباً،

أنظر للحياة وجهاً لوجه

على الرغم من انتماء البشر

مع الموتى دائماً.

بين الحياة والموت ميثاق شرف،

ذرة من الغموض

تستمر في خضم أي كارثة

ولا تتعب من الاشتعال،

وفية لسفينة الرؤى التي وقتها الوحيد

محفور في ذاكرتك.

اسمح لي أنْ أخبرك

هكذا يطفو مثل نجمة

يريد لنوره أن يُسرقْ. هكذا يدوم

حتى الطوفان القادم. هكذا يتعلمون

الابتهالات التي تنجح في إيقاظ التماثيل.

لذلك يسافر ظلك كل الأيام

بعيون مليئة بالطيور والألغاز.

هذه رقصة فالس خاصة أرافقها بآلات الكمان

لكي تتذكر أنت فحسب.

أنت يا منْ تريد أن تعيش بعظام كاملة.

أنت الذي قمت بإزالة أنسجة العنكبوت من منزل الأب.

أنت يا من ترتشف الشعر كدواء للروح.

أنت الذي بإرادة من الحرير والفولاذ.

أنت يا منْ تريد أن تسمع طنين المذنبات.

أنت يا منْ يعرف الأفراح والندم.

أنت الذي تطمح لاحتضان كل ما ينبع من الحب.

اسمح لي أنْ أخبرك

أن السماء لم تنته بعد

وأن هناك بداية وهناك استمرارية

في دليل السفر هذا الذي تكون وجهته أكثر انفتاحاً

من الأحلام.

ألم تر الكثير من الآلام في الممرات

الكثير من الحروف السوداء الكبيرة

حيث تتحدث عن الوجوه المهزومة؟

فروع الكلام معك

وتستمر في فطام نفسك بالثلج الذائب،

مقاتلاً ما بعد العشية

مدعوماً بالنفس الأساسي للمؤمنين.

بكاء أقل في اللحظات الصعبة.

حقائق أقل خطلاً.

موسيقى صامتة أقل.

لهب أقل لا يحرق.

أجراس أقل تعفناً.

عبث أقل على استعداد لجعلك تطير

في أعيننا.

أعلم أن صحتك تستجيب لمكالمة

صوتي المتألق بحماسة.

وعلى الرغم من أنه ليس في يدي أن أجدد لك

خلاياك المفضلة،

ها أنا أنفخ في عروقك لإزالة حمى الجلجلة

وللإعلان عن حدث بهيج

سوف ينقر عشاء لياليك القادمة.

اسمح لي أنْ أخبرك

أن الموعد لم ينته بعد

وأنه يجب عليك تقليم شجيرات الورد مرة أخرى

(كما في الماضي، كما في المستقبل)

والعيش بسعادة مع الحياة التي تنجو منك.

هذا هو:

الحياة قصة يرويها الرعاة

الذين يولد إعلانهم رجفة في صدورنا

وفي الغبار العميق

وفي العظمة التي تبعث بنا الحياة.

أقول لك وأعيدها عليك

أن كل سلسلة من المحن سوف تتشظى

بينما سيزورك

ابن شهود الأرض.

في هذا العالم

الأسنان القديمة تسبب الألم،

و بسبب ذلك،

لرقبتك،

أصنع بالكلمات البلسمية

هذه القلادة التي ستعرف

كيف تدفئ نفسك بها خلال الشتاء.

رجاء

 

أخي

أينما تكون

إفتح لي قبضتيك

على ألا يعود

السلاح ليديك،

 

والصراع

أن لا يصرعلى تقريب

المسافات،

 

الكلمات وحسب

تنهض و تُقنع.

 

أن تقنع كلماتك

لا الضربات

ولا الطلقات،

وأن يكبر فيك

 

الخير.

 

فيما بعد

 

عندما لن أكون هنا

لا أريد أن أراكم متأثرون

لأن روحي قد ودعت،

 

لا تبكوا

على الماضي الذي ولى

إلى الأعلى

أو إلى الأسفل.

 

جزآن يشكلان

الرماد.

 

ارموا بها فيما بعد

إلى الأنهار اللاتي

حطمن القلب.

 

وقولوا لي وداعاً

بالمزمور ذاك

الذي غلبَ جوليات.

 

هكذا سأفتحُ النافذة العمياء

بروحي المضطجعة

في زيتونة

 

بحقل زيتون.

 

آلفريدو بيريث آلنكارت
Alfredo Pérez Alencart
 شاعر وناقد أدبي من البيرو، من بين أهم الأصوات الشعرية في أميركا اللاتينية، ومن بلد أضاف للخارطة الشعرية بالإسبانية الكثير. ولد عام 1962 في بلدة مالدونادو البحرية، وهاجر من بلده ليقيم في إسبانيا منذ منتصف الثمانينات حيث درس في جامعة سلامنكا الحقوق ليتخرج ويعين فيها أستاذا منذ عام 1987 وحتى اليوم. مع ذلك فهمه الأول والأخير هو الشعر، عليه قد أصدر العديد من الدواوين الشعرية والتي نذكر منها ما أصدره في السنوات الأخيرة مثل: فجاءة الأبدية 2012، مفكرة الأرض الخضراء 2014، شمس العماء 2015، تهجير واغتراب 2015، خلف الضباب 2017، وصلصال الفردوس (2019)

 

ترجمت أشعاره إلى لغات عديدة من بينها: الإنكليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والروسية والهولندية والصربية والبلغارية. كما حاز على أغلب جوائز أدبية إسبانية وعالمية عدة عن مجمل أعمال الشعرية مثل: خورخي غيين 2012 في إسبانيا، وهمبرتو برغرينو 2015 في البرازيل، وميدالية ميهاي أونيسكو 2017 في رومانيا.

 

يضاف إلى عشرات الكتب التي أشرف على إصدارها لأهم أصوات الشعر اللاتيني من خلال السلسلة الشعرية (تريلثي) التي يشرف عليها منذ عام 1999. منذ عام 1990 وحتى اليوم يدير مهرجان أصوات الشعر الأميركي لاتيني في مدينة سلامنكا. يمتاز شعره بذلك الامتزاج الحي بين الثقافات التي نهل منها من أراضيه وفيما بعد من تعددية إسبانيا الشعرية والتي يقيم على أرضيها، كذلك قراءاته وعلاقاته الواسعة بشعرية العالم من خلال سفره وترحاله ولقاءاته المتنوعة. يقول عن نفسه وشعريته:” الأهم الأكبر هو إظهار تلك الإنسانية المخفية في داخل البشر من خلال وقع القصيدة وأبياتها الموحية. الإنسان قيمتي العليا”.

 

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.