عبد الرحمن منيف || في الذكرى 21 لوفاة عميد الرواية العربية

مدار 24 تستذكر الروائي عبد الرحمن منيف في ذكرى وفاته

“أنا مجرد إنسان يبحث عن البقايا الشريفة في الناس قبل أن تُسحق وتتلاشى..”

في 24/ يناير 2004 رحل عن عالمنا الروائي العربي عبد الرحمن منيف أحد أهم الروائيين العرب في القرن العشرين والذي استطاع من خلال رواياته أن يعكس الواقع الاجتماعي و السياسي والثقافي العربي، والتخبطات التي شهدتها المجتمعات العربية في دول الخليج خاصةً أو ما يدعى بالدول النفطية.

ففي مثل هذا اليوم من عام 2004، رحل صاحب النهايات في سباق المسافات الطويلة إلى شرق المتوسط عبر الزمن الباهي، متحررا من لعنة مدن الملح، ليصل إلى أرض السواد بحثا عن نقطة ضوء بعد أن تركنا الجسر من أجل قصة حب مجوسية، رحل منيف إلى عالم بلا خرائط.

خبير أقتصادي، ومهتم في مجال اقتصاديات البترول، حيث ساعده هذا في العمل بالعديد من شركات النفط مما جعله مدركاً لاقتصاديات النفط، خصوصاً بعد الثورة التي أحدثها اكتشاف النفط في سبعينيات القرن الماضي.

يعتبر عبد الرحمن منيف من أشد المفكرين الذين انتقدوا الأنظمة العربية في بعض رواياته التي من أشهرها خماسية “مدن الملح” التي يحكي فيها قصة إكتشاف النفط في السعودية، ورواية “شرق المتوسط” التي تحكي قصة المخابرات العربية وتعذيب السجون.

ولد عبدالرحمن منيف في عمان / الأردن عام 1933م من أب سعودي وأم عراقية، درس في الأردن حتى الثانوية، ثم انتقل إلى بغداد والتحق بكلية الحقوق عام 1952 ومنها كان انخرطه في النشاط السياسي حيث أنظم إلى حزب البعث في بداياته، إلى أن طرد من العراق مع عدد كبير من الطلاب العرب، لينتقل بعدها إلى مصر، حيث واصل دراسته في القاهرة، وفي عام 1958 رحل إلى بلغراد لإكمال دراسته ليحصل على الدكتوراه في إقتصاديات النفط. انتقل بعدها إلى دمشق عام 1962 ليعمل هناك في شركة سورية للنفط ثم في بيروت عام 1973 ليعمل في مجلة البلاغ، حتى عودته إلى العراق عام 1975 للعمل في مجلة النفط والتنمية. وأخيرا مغادرته العراق عام 1981 متجها إلى فرنسا حيث كرس حياته هناك لكتابة الروايات.

تزوج منيف من سيدة سورية، وعاش في دمشق حتى توفي عام 2004م بعد اصابته بالفشل الكلوي.

اتفق معظم النقاد على أن عمله الأبرز هو رواية (مدن الملح) في خمسة أجزاء : يصف الجزء الأول التغيرات العميقة في بنية المجتمع البدوي الصحراوي بعد ظهور النفط، وفي الجزء الثاني يبدأ بوصف رجال الأعمال الذين وفدوا على المنطقة الخليجية ودخولهم في تحالفات مع حكام المنطقة، ويستكمل في الجزء الثالث والرابع والخامس التحولات والتفاعلات السياسية مع تاريخ حكام السعودية، هذه الرواية صنفته سريعا كمعارض لنظام الحكم السعودي و منعت رواياته الأخرى من دخول المملكة العربية السعودية وكثير من الدول الخليجية.

الرواية الأخرى التي أحدثت ضجة في العالم العربي كانت (شرق المتوسط)، التي تعتبر أول رواية عربية تصف بجرأة موضوع التعذيب في السجون خاصة التعذيب الذي تمارسه الأنظمة الشمولية العربية التي تقع شرق المتوسط في إشارة واضحة للنظام السوري والعراقي.

لاحقا ألف منيف جزءا آخر من شرق المتوسط أسماه: (الآن ..هنا) أعاد به الحديث عن التعذيب في السجون لكنه صورها في بيئة أقرب لبيئة مدن الملح الخليجية.

ارتبط منيف بصداقة عميقة مع روائي عربي آخر هو المترجم والكاتب جبرا ابراهيم جبرا حيث توجت هذه الصداقة برواية ثنائية، كأول عمل ادبي مشترك بين روائيين، وهي رواية “عالم بلا خرائط”

وفي رواية “قصة حب مجوسية” يطرح منيف العلاقة بين حضارة الشرق، وحضارة الغرب، والتباين الثقافي والروحي بين قطبي العالم.

وأما روايته “الأشجار واغتيال مرزوق” فهي سيرة فريدة للبحث عن الألم والمشقات، وقصة غرامية عن الأرض والحياة. وآخر أعماله “أرض السواد” التي يتحدث فيها عن تاريخ و مجتمعات العراق.

قال الاديب ابراهيم نصر الله مستذكرا منيف : “تعتبر تجربة الروائي عبد الرحمن منيف، واحدة من أكثر التجارب الروائية إثارةً لاهتمام القارئ العربي خلال السنوات الأربعين الماضية، ويرجع ذلك إلى أنه استطاع أن يكون الصوت الأكثر وضوحاً وجرأةً في الحديث عن مشاكل وقضايا طحنت وما زالت تطحن المواطن العربي.وفي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي حيث كانت وسائل النشر والاتصال محدودة، مقارنة مع ما يحدث اليوم من حيث شيوع الفضائيات”

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.