كنا ننام من الخوف
لا من التعب
من العصا
والصفعات
من آبائنا
الذين لم تترك لهم الحياة
فسحة من الليل..
كانت الظهيرة
تتكفل باحتضانهم
بينما تحاصرنا بالنعاس
وحالما ينطفئ العالم في عيونهم
أتسلل مثل لص
لإحدى عربات اللعب
التي كان الأصدقاء
يصنعونها من الصفيح
أتسلل بعد أن أخدع الجميع
بأنني نائم
أتسلل لأسرق الفرح العابر
والقليل من الحياة
لأزجر الظهيرة
وأطعم رغباتي الجائعة بالهشيم
فقد كنت كالموقد
المغطى بالرمال
وبعد كل هذه
الأحداث
ها أنا أدخل في السنة
الرابعة والعشرين
تاركاً خلفي الأيام حافية
تركض بين أربعة جدران
تحاول الوصول
إلى تضاؤل الحكمة
بعد تخليها عن دعائمها
وتاركاً خلفي الطفولة
في صندوق الضياع
كالنار بعد تجردها من صفاتها
أحدق في رؤوس الآخرين
متأملاً عصافير ميتة تطير..
خائفٌ من الأمام
لا أريد العودة
وخائفٌ من العودة
لا أريد الأمام..
لا أريد أن يأتي العمر
كل ما يهمني
هو أن أحتضن بقائي
في هذه الظهيرة الماجنة
وأنتظر لملايين السنين
مساء الليلة الأخيرة
أريد أن أبقى إلى الأبد
بعينين مفتوحتين
تراقبان القناعة والطمع
وكل ماهو عابر ومهمل
أريد أن أقدم الجميع
وليمةً للذباب..
أحتاج إلى قيامة
تخلصني من جميع الموتى
الذي يرقدون
بسلام في قلبي
أريد أن أتسلل
خلسة لإحدى عربات طفولتي
لا لأسرق شيئاً
بل لأرمي فيها
ما تبقى من العمر..
_________________
صالح رحيم : شاعر وكاتب عراقي، من مواليد مدينة السماوة 1994م، درس الفلسفة في كلية الآداب بجامعة المستنصرية، اصدر ديوان “ريشة لطائر منقرض” وديوان “تكلم يا كمان الغيب”
