بين سورية، والسعودية، والعراق، وأفغانستان تجزأت حياة الجولاني لتجارب مختلفة منذ الطفولة المبكرة وحتى اليوم، الوقت الذي أصبح فيه بين ليلة وضحاها رجل المرحلة الانتقالية في سورية.
الجولاني الذي يُنظر إليه كقائد ثوري، حرر بلاد الشام من الجور والطغيان.. كيف يرى العراقيون الجولاني الذي يعد أحد أبرز قادة داعش، والذي شارك بتفجير وقتل ألاف العراقيين المدنيين بعمليات ارهابية نوعية؟

في تموز عام 2011م كان ابو بكر البغدادي قائد تنظيم القاعدة في العراق قد شعر بمسؤولية كبيرة بعد فرض سيطرته على عدد من المحافظات، وفي الوقت الذي كان يطمح فيه لتحقيق مكاسب كبرى، أرسل أحد أهم قادته والمدعو ابو محمد الجولاني الى سورية بمهمة تحرير بلاد الشام تحت ما يسمى “الدولة الاسلامية في العراق والشام”.
وقد بدأ الجولاني هناك مرحلة جديدة من جهاده من خلال قيادته لتنظيم هيئة تحرير الشام قبل ان يغير اسمه الى أحمد الشرع بعد سقوط نظام الأسد واستيلائه على السلطة في سورية.
كان الجولاني قائدا لجبهة النصرة التابعة بدورها لتنظيم القاعدة، وكان من اهم انجازاتها أنها نفذت ما يقارب 40 هجوما انتحاريا، بعمليات مختلفة.
وفي عام 2013م عندما اصدر البغدادي بيانا بانظمام جبهة النصرة تحت لوائه، رفض الجولاني قراره، وقرر متابعة ولائه لأيمن الظواهري، وفي عام 2017م اعلن الجولاني عن الاسم الجديد لتنظيمه “هيئة تحرير الشام” والتي صنفت ككيان أرهابي من قبل الولايات الأمريكية.
في عام 2013م أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانا سمت فيه الجولاني بالارهابي العالمي، ورصدت نحو عشرة ملايين دولار كمكافئة لأية معلومات عنه.
رغم أن القضاء العراقي قد اتهم الجولاني بقضايا ارهاب خطيرة وأصدر عنه حكما غيابيا بالإعدام، إلا أن الحكومة العراقية اليوم توجه له دعوة لزيارة بغداد، وفي هذا الصدد كتب الناقد العراقي علي سعدون يقول :
“إنّ وصول مجموعة مسلحة تعودت أن تشتغل خارج نطاق الدولة وبالضد منها – بقطع النظر عن نظام تلك الدولة- خاصة المجموعات المتطرّفة التي عُرفت بتوجهها الارهابي ، أقول إنَّ وصول الجولاني ومجموعته الى سدة الحكم في سوريا يُعد انتكاسة لكل محاولات التغيير . اما عن احتضانه عربيا ودوليا فهذه سابقة خطيرة تؤشر مدى الانحطاط السياسي الذي وصلته الانظمة . وبالتالي فأن دعوة الجولاني لزيارة بغداد هي جزء من تلك الانتكاسة السياسية وهي دليل على قلة الوعي وعدم قراءة الراهن بشكل صحيح ودقيق . الجولاني نفسه الذي كان يشكّل – ومازال – مصدر تهديد لبغداد وغيرها من الدول ، تحتضنه بغداد اليوم وتدعوه لزيارتها وكأن التاريخ نسي نفسه وصار بلا ذاكرة ولا مرجعيات ..”

في هذا الاستطلاع الذي أجراه موقع “مدار 24” تحدث نخبة من العراقيين عن صورة الجولاني في العراق قبل أن يصبح رئيسًا لسورية.
• إرهابي، دموي، طائفي، وتكفيري :
يصف المواطن العراقي هادي الربيعي الجولاني بالدموي قائلا : “ليس فقط ارهابي، إنه دموي وطائفي، وهو بكل وضوح ينفذ اجندات ليست في مصلحة العرب المسلمين”
وأضاف الربيعي : ” إن دليل ذلك واضح لكل ذي عينين، حيث مجرد انفتاح كل الأبواب المغلقة أمامه وتقبل بعض دول العالم لحكومته و تبييض صورته القبيحة وتغيير شكله من الخارج.. بينما نفس تلك الجهات لا زالت تعتبر النظام الديمقراطي القائم في العراق أنه بيد المليشيات وأنه تابع لإيران.”
قضى الجولاني خمس سنوات في سجن بوكا، وقد اعتقلته القوات الأمريكية عام 2006 وأطلقت سراحه عام 2011م وما برح ان استأنف عمله الجهادي تحت لواء ابو بكر البغدادي فكان في وقتها مسؤولا عن عمليات نينوى.
وقد سبق إن أكد الفريق الركن عبدالكريم خلف أن الجولاني مطلوب للقضاء العراقي بتهم تتعلق بالإرهاب وصدر بحقه حكم بالإعدام، بسبب تورطه بعمليات ارهابية مختلفةً اسفرت عن قتل العديد من العراقيين المدنيين.
وقد علق “يوسف الموسوي” على القرار العراقي الصادر بحق الجولاني، مطالبا بدم مئات الشهداء قائلا : “اعتقد أن هذا حق شعب سفك دمائه بسبب حقد طائفي وليس من حق القضاء اصدار عفو عن الجولاني وان تسلم منصب رئيس سورية إلا بعد تنازل اصحاب الدم وهم مئات الشهداء.”

وبشكل مختصر ومقتضب وضع السيد “علي رضا” النقاط على الحروف عندما سألناه عن الجولاني فقال : “أن الأيدلوجيات المتطرفة في مرحلة الإعلان عن كيانها تبيح لنفسها الكذب و الإحتيال لتظهر للإعلان بصورة أكثر إنسانوية من الواقع من باب ( إن الضرورات تبيح المحذورات) و حينما تصل إلى السيطرة المنشودة سترتد كافرةً بكل المبادئ التي أعلنتها عن نفسها مسبقاً حينها لن يكون هناك مجال للتغيير.. و الجولاني و قبله حركة طالبان مثال على ذلك…”
وإضافة إلى ذلك يعتبر كثير من العراقيين أن الجولاني إرهابي خطير فهم لا ينسون ما قام به في العراق من جرائم وعمليات ارهابية، بالتالي أنهم يجدون ان وجوده يشكل خطر أقليمي.
يقول السيد “هاشم فارس” : “عين المجتمع المدني في العراق والمنطقة لا ترى الجولاني الا بنظرة واحدة وهي قائد ارهابي تابع لتنظيم القاعدة او غيرها من التنظيمات المتطرفة الإرهابية ووجوده يشكل عدم إستقرار أمني إقليمي ومحلي .. الجولاني إرهابي.”
وبحديث تخنقه العبرة قال عبدالله محمد وهو معلم متقاعد : “ترك الجولاني طموحاته في سورية من أن يصبح طبيبا وجاء الى العراق ليشارك في الجهاد مع الجماعات الارهابية، وهو بالحقيقة لبى غريزته في سفك الدماء وقتل العراقيين الأبرياء، لأن دمائنا رخيصة، اصبح الجولاني حرًا، وبدلا من أن ينال القصاص، أصبح رئيس دولة.”
يسخر عبدالله من جدية القضاء العراقي ويتسائل كيف يسقط القضاء العراقي قراره بحق الارهابي الجولاني ؟ ولماذا يذهب مدير جهاز المخابرات على رأس وفد حكومي للقائه في سورية؟
لم يحدد نخبة من الخبراء في الشأن السياسي في المنطقة العربية ما تعيشه سورية اليوم من وما تمر به من تطورات سياسية قد تأثر بشكل كبير على الأوضاع والأجواء السياسية في الشرق الأوسط بشكل ملحوظ، خصوصا ما يصحبه ذلك من تغيرات على العراق البلد المجاور لسورية، والعلاقات الإقليمية العميقة، والدبلوماسية القديمة بين البلدين.
ثمة تقارير عدة، بينها تقرير لمركز “ستراتفور” للتحليلات الاستراتيجية (2013)، أكدت أن الجولاني كان يُنظر إليه كأحد أركان المشروع الإقليمي لتنظيم القاعدة. وأن واشنطن استندت في قرارها إلى دوره المحوري في توسع جبهة النصرة، حيث أعلن في إحدى مقابلاته أنه وسّع التنظيم من بضعة رجال إلى آلاف المقاتلين في غضون أشهر.
وفي 2021، ظهر الجولاني في مقابلة تلفزيونية مع برنامج “فرونت لاين” على محطة بي بي إس الأميركية، نافياً تورطه في عمليات خارج سوريا، ومعتبراً أن تصنيفه كإرهابي أمرٌ “غير عادل”

• إحصائية لجرائم الجولاني في العراق :
و أدناه إحصائية لأهم العمليات الارهابية في العراق يعتقد بعض المراقبين أن للجولاني يد بتنفيذها :
-تفجيرات مدينة الصدر ٢٣ نوفمبر ٢٠٠٦ / اكثر من ٢٠٢ شهيد ومئات الجرحى.
-تفجيرات بابل ٢٨ نوفمبر ٢٠٠٥ / اكثر من ١٣٠ شهيد ومئات الجرحى.
-تفجيرات سوق الصدرية في ١٨ ابريل ٢٠٠٧ / اكثر من ١٩٠ شهيد ومئات الجرحى.
-تفجيرات بغداد ٣٠ ايلول ٢٠٠٤ / ٤٠ شهيد و ١٣٠ جريح.
-تفجيرات كربلاء والنجف ١٩ ديسمبر ٢٠٠٤ / 70 شهيد ومئات الجرحى.
-تفجيرات البصرة ٢١ نيسان ٢٠٠٤ / ٨٠ شهيد و ١٨٠ جريح.
-تفجيرات #اربيل ١ فبراير ٢٠٠٤ / ١١٠ شهيد و ١٣٣ جريح.
-تفجيرات تلعفر ٢٧ مارس ٢٠٠٧ / 152 شهيد ومئات الجرحى.
-تفجيرات كركوك ٧ يوليو ٢٠٠٧ / 140 شهيد ومئات الجرحى.
-تفجيرات سنجار ١٤ اغسطس ٢٠٠٧ / 400 شهيد ومئات الجرحى.
-تفجيرات عاشوراء في كربلاء ٢ مارس ٢٠٠٤ / ١٨٠ شهيد و ٥٠٠ جريح.
