عيد الحب في إيران

محمد الحسين | مدار 24

في الرابع عشر من شباط من كلِّ عامٍ، يتبادلُ العشّاقُ حول العالمِ الحلوى والورودَ والهدايا، وكلُّ ذلك باسمِ القديسِ ڤالنتاين، في يوم التعبير عن الحب والصداقة

تقول إحدى الأساطيرِ التي تخبرنا عن القسِّ الرائعِ ڤالِنتاين، الذي عاش خلالَ حكمِ الإمبراطورِ الرومانيِّ كلوديوسَ الثاني سنةَ 200 للميلاد. أنه كانَ ڤالِنتاينُ محبوبًا من قِبَلِ أطفالِ القريةِ، لأنّه كانَ يسمحُ لهم باللعبِ في حديقتهِ. لكنَّ الرومانَ ألقوا بهِ في السجنِ لرفضهِ عبادةَ آلهتهم. وخلالَ فترةِ سجنهِ، كانَ الأطفالُ يمرّرون إليه المذكرّاتِ المربوطةَ بباقاتِ الزهورِ من خلالِ قضبانِ السجن.

أُعدمَ ڤالنتاينُ في الرابعِ عشرَ من شباطَ، ومنذ ذلك الحين، يحيي ذكراهُ كلَّ عامٍ بإرسالِ الزهورِ والشوكولاتةِ وكلماتِ الحبِّ لمن نحبُّ.

أما في ايران فإن الامر مختلف تماما، حيث ثمة احتفال مشابه لعيد الحب وهو قد صادف هذا العام حسب التقويم الفارسي الشمسي للايرانيين عيد حبٍّ ثانٍ تماماً، وهو الذي يطلقون عليه باللغة الفارسية (سپندار مزگان) أو (سپندار مذگان) أو (سفندار مزگان).

يعد هذا العيد من الموروثات الايرانية القديمة، وقد انتقل هذا العيد عبر القرون الى أيامنا هذه منذ إن كانت الديانة الزرادشتية الديانة الرسمية للشعب الايراني في عصر ما قبل الميلاد وتحديداً منذ أيام الاخمينيين.

قبل اعتماد التقويم الشمسي في ايران، كانت ايران تستخدم تقويم مختلف وهو المعروف بالتقويم الزرادشتي والذي أطلقت على شهوره الاثني عشر أسماء الملائكة في الديانة الزرادشتية ، أمّا الايام فقد سمّيت على صفات الاله الواحد (اهورامزدا). ومن هذه الشهور هو شهر (اسفند) ، حيث خصّص اليوم الخامس منه لتكريم الارض والمرأة.

وعندما جاء عالم الرياضيات والفلكي والشاعر عمر الخيّام  قام بوضع التقويم الشمسي والذي صار معتمدا حتى اليوم حيث يصادف اليوم التاسع والعشرين من شهر (بهمن) ، وهو التقويم الحالي المستخدم في ايران.

وكلمة (سپند) وجدت في كتاب الافستا الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية بمعنى (المقدّس) ، (وسپندارماتي) كانت هي ملاك العطف والحب والتواضع ، وتحوّلت في الفارسية الوسيطة الى (سپندارماز)  ، فكان هذا اليوم أساساً لتكريم الارض باعتبارها الام العظمى بما تمنحه من خيرات لابنائها ، ومن ثمّ ارتبط اسمه بالمرأة .

كان الايرانيون القدامى في هذا اليوم يعفون المرأة من كل أعمالها ، فيقوم الرجل بكل اعمالها في هذا اليوم لا سيما المنزلية ، وتتلقى النساء الهدايا من ازواجهن ، وتجتمع فيه العائلة للحديث عن أهمّية دور المرأة في الحياة ، ويلبس الكلّ فيه ملابس زاهية ، ومع مرور الزمن تحوّل هذا اليوم الى يوم للتعبير عن الحب والاحترام بين الشريكين ، فصار الايرانيون يسمّونه (روز عشق = يوم الحب) ، والذي سيصادف هذا العام حسب التقويم الميلادي يوم السابع عشر من فبراير.

أرتبط إسم هذا اليوم كذلك بيوم اطلق عليه إسم (مرد گيران) أو (مزدگيران) ، حيث كان يعتبر يوم المرأة لدى الايرانيين القدامى ، وفيه تعطى المرأة الحرية الكاملة لاختيار زوجها المستقبلي من دون أن يستطيع معارضتها أحد ، وباختلاف التقاويم اصبح هذا اليوم في الخامس من شهر اسفند وفق التقويم الشمسي الحالي.

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.