قصائد للشاعرة فينوس خوري غاثا || ترجمة خالد شبيهي

خاص | مدار 24

ابتعدوا عن نافذتي

لا تعودوا إلا بعد الاغلاق النهائي

للأرض

عندما تصير عظامي حجرًا جافًا

حركاتي من رياح مقيدة

اذهبوا من دون ملامحكم قبل

أن يشح زيت المصباح

برأس بين الركبتين مثل كلب

لا يحبه  سيده

صُمّا كالشلالات

بُكْما كالنمل ذي القرون آكل الحجر

اذهبوا دون أن تتقاطع سبلكم

 لقد أحكمت إغلاق نوافذي

أخرستُ كتبي

حفرت سريري في كومة التراب

الذي ألقي به في وجه النهار

أنا لا أنتظر أي عون

أي مواساة

                                                              ***

أغلِقوا المصاريع الآن بعد

أن خرجت الروح

طارت فوق شجرة الدردار والبوابة الحديثة الطلاء

دون نشر الخبر

حَذَرا

تَطَيُّرا

مات شخص ما في الطابق العلوي

أدرك الطفل الجالس أمام صف

من النمل ذلك عندما تناثر لهب بارد على جدار المخزن

وتساقطت الثلوج بلا سبب

نحن نعيش على ما يتعذر فناؤه، تقول المرأة العجوز التي تنتف ريش الدجاج

على عتبة المطبخ

وتمسح وجهها بطرف 

وزرتها الملطخة بالدماء

                                                               ***

أصغِ

أصغِ إلى الأرض فوق رأسك

اتبع متاهات الظلام حتى

لا تضل طريقك

الباب على السطح

مقصورتك مقلوبة رأسا على عقب

لا أحد في الأفق

صوت المطر يحجب صوت المنادي باسمك من أقاصي الأرض إلى أقصاها

يدحض اختيارك للعدم

قل له أن يسكت

احتراماً للصمت الذي يأويك

ويعُبُّك بالنسيان

                                                                   ***

      [إلى جان ماري لوكليزيو]

حجر مُسطَّح هو القلب

قفص عظام يحبس الطائر الذي ينتفض 

داخل الصدر

من قَلَّص قرص الشمس

من قرَّب ما بين الجدران

أي يد مزجت العرق وانتزعت أوراق النهار

كيف نفسر رعب اللحظة الأخيرة الذي حل بنا  في صخب كبير

خيال هو الطيف الرابض عند سفح الجدار

وهْمٌ هو السُّلم

السماء ورق مقوى

غيومها ديكور متحرك في مسرح 

قَرْع الفراغ لا يصدر صوتًا

                                                                   ***

حَرْقُ أوراق الكالبتوس يثير الأرواح

فتتسلل إلى الكتب القديمة

إلى الملابس  المنكمشة

وحدها القطة ذات السبع أرواح تراها

خشنة مثل قطعة طباشير

تحوم مع بعوض المياه الراكدة

تدخل بيوتنا دون أن تقرع الباب

دون أن  تُسقط  شيئا 

تأخذ معها رمشاً قطعةَ ظُفر

تذكارا لنا 

                                                                     ***

قالت له: سِرْ في كل الاتجاهات في الآن نفسه

استندْ على كتف الهواء

سرْ مثل الكلمات على السطر دون الخروج من الصفحة

سرْ كما نشرب

بجرعات كبيرة، برأس إلى الخلف

ثِقْ بمن غسلتكَ تحت صوت العويل

حلقتْ وجهك برفق حتى لا تؤذيك

لتكون حسن المظهر أمام الحجارة

وتشاركها القليل من سُباتها

                                                                  ***

حافيةَ القدمين خلف هذا الجدار

تترقبين صَخَّ حجر

 حفيفَ عشبة

جوزة فارغة هو العالم الذي ترجه نداءاتك

تفرغ الظلال جيوبها 

فهي لم تختلس شيئا 

و ليس لديها ما تفعله إزاء من صار صقيعا

أنت تعلمين أنك في مكان من طبقات مرصوصة

أن ألمكِ ليس ألما 

أن سكونك ليس خمولاً بل انتظار حدث 

تبحثين عن شِقٍّ ليبتلع كيانك الصغير

 كنت ستحملين جسدك على ظهرك مثل كيس فحم

 لو كنت تعلمين

_______________________________

فينوس خوري غاثا : روائية وشاعرة فرنسية من أصول لبنانية، ولدت في لبنان عام 1937م وعاشت في باريس منذ عام 1972م، انتخبت ملكة جمال بيروت، تزوجت من الباحث الفرنسي جان غاثا، نالت جائزة غونكور للشعر عام 2011م.

* خالد الشبيهي : شاعر ومترجم مغربي

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.