صدرت لنا حديثا، وبمنحة من الصندوق الهولندي لدعم الأدب، مُنْتَخَبَاتٌ شِعْرِيَّةٌ للشاعر الهولندي يَانْ آرِنْدِسْ، تحت عنوان ”قَصَائِدُ رَشِيقَةٌ كَالْأَشْجَارِ“، عن مَنْشُورَاتُ كْرِيسْطَالْ المغربية.
وبإيجازٍ شديدٍ لسيرةِ المؤلِّفِ، ذلكَ ليس لأنَّها أسوأ مدخلٍ لشعره فَحَسْبُ، بل لأنها لا تفسِّرُ أبدا شعريَّته في جوهرِها: وُلِدَ يَانْ آرِنْدِسْ في لاهاي في 13 فبراير 1925، كطفل غير الشرعي لفتاة عشرينيَّةٍ كاثوليكية يتيمة، تزوجت بعد ذلك بعامين من فرانس باريند أرندسن، أب الشَّاعر المفترَض. كان مسارهُ الدِّراسيُّ غير منتظِم، بسبب مستواه المتدنِّي في التَّلقين، فتمَّ إدماجُه بمدرسة داخلية للأطفال حتى بلغ الثامنة عشرة من عمره. أُدْخِلَ إلى مؤسسات الطب النفسي عدة مرات، من بينها عيادة معالجة إدمان الكحول. وذهبَ البعض إلى أنه لم يكن أبدًا مجنونًا، وإنَّما رضيَ بهذه الوضعيَّةِ لنفسه لأنها تناسِبه. في عام 1974، ينتحر.
رأى بعضُ النُّقَّادِ أن عبارةَ ”اَلْمَوْتُ سُقُوطًا/ مَوْتٌ مُنَاسِبٌ.“ من قصيدة له مؤشر على تفكيرٍ مبرمَجٍ لدى الشَّاعر في الانتحارِ.
مارسَ آرندس الكتابةَ لفترةٍ وجيزةٍ: نُشرت مجموعته القصصيَّةُ الأولى، كيفمان، في عام 1972، ووصفها النُّقَّادُ كحياة رجل لا يشعر بأنه في منزله، في بيئته.
عاشَ الشَّاعر حياةً صداميَّةً، بدايةً مع أطبَّائِه النفسيين، مرورًا بِالكُتَّابِ الآخرين، لأنه لم يشعر يومًا بِالتَّقدير. ممَّا جعله شخصية مهمَّشة في المشهدِ الأدبي خلالَ حياتِه. ومع ذلك، لم يكنْ ممكِنًا تجاهل موهبتِه، إذ كان سيحصل على جائزة Multatuli عن أعماله القليلة، لولا أنه انتحر بالقفز من نافذة في الطابق الخامس من شقته؛ فقرَّرت لجنة التحكيم عدم منحه الجائزة بعد الوفاة، لأنها كانت تهدف في المقام الأول إلى ”تحفيز الفنون الإبداعية“.
ترك وراءه عددًا كبيرًا من القصائد غير المنشورة التي تم إصدارها بعدئذٍ، أسوةً بمجموعته القصصيَّة: كانتْ لديَّ قبَّعةٌ مِنَ القشِّ وعصا، ليتواصل الاهتمام به نقديًّا وعبر المتابعةِ في الصَّحافةِ الثَّقافيَّةِ، إنصافًا لهُ وإحقاقًا لموهبةٍ غُبِنَتْ في منجَزِها الأدبيِّ.
في محاولةٍ للإعلاء من شأن النَّصِّ الشِّعريِّ برفضِ تفسيرهِ بسيرةِ صاحبِه، يعبِّر الناقد ڨَانْ دَانْتْ عن خشيته من أن يصبح الأدب الهولندي، إذا استمر تتبُّعُه على هذا النحو، بمثابة تقرير صحفي عن يوميات الكتاب أنفسهم وعن اختفاء الخيال تدريجيا من المشهد الثَّقافي.
لكن ما الذي أعادَ آرندس إلى الضوء؟ لم يملك شاعرُنا سوى اللغة المتاحة للجميع، ولكنَّه وظَّفَ الكلماتِ في أقصى درجات قوتها؛ وحينما افتقدَ تلك المهارة، جرب حظه في الطيران، فانتَحَرَ. لم يُخِفْهُ الفراغ، لقد سعى للحصول على كتابها الضَّخمِ الذي تركه وراءه، الأعمال الكاملة التي تحتوي على كل هذه القصص والقصائد، التي صارتْ حصَّةً من الأدب الهولندي المعاصر لا يمكنُ إغفالها.
من هذا المنظور، يمكن قراءة منجز آرندس كاشتغال داخلَ اللغة، كبناءٍ للعلاقة بين اللغة والأشياء، بين اللغة والشاعر، في معجم خاصٍّ يتألَّق مثل شفرات الحلاقة؛ يحتاج المرء فقط إلى فتح صفحة عشوائية في مجموعاته الشعرية، وسوف تصدمه إحدى قصائده العنيفة بواحدة من هذه المفردات، كأنَّهُ يَتَأذَّى بِالقراءةِ.
يظهر غلاف مجموعة “قصائد استراحة الظهيرة” صورةً شبحيَّةً لشجرة عارية، عجفاء، منفوضة الأوراق، مقابل سماء شتوية بيضاء. بهذه الطريقة يمكننا رؤية التفاصيل التي كانت مخفية عن الأنظار بأوراق الشجر، لنشحذ قدراتنا على الملاحظة. هذه الشَّجرةُ بالذَّاتِ أمثولةٌ على الخيار الأسلوبي للشاعر، الَّذي تتأسس قصيدته على أبيات قصيرة، متخفِّفة من البلاغة.
تتآكل اللغة، هكذا، وتتقطَّرُ بشكل واضح في قصائد آرندس، تبدو الكلمات نحيفة وذابلة ووحيدة مثل شخصيات جْيَاكُومِيتِّي، أو مثل هذه الشجرة العارية على غلاف ديوانِه، في شكلٍ متقشِّفٍ كضربةِ سكِّينةٍ لا تحتملُ التآويلَ.
تستحضر القصيدةُ، أيضا، الارتباط بالأشجار التي يتم قطعها ليُصْنَعَ منها الورق؛ الشَّجَرُ أساس اللغة ومعمارُ القصيدةٍ في فضاءِ الصَّفحةِ. الإبداع هنا وجه أخر للتدمير، بعبارة أخرى: لا بد من تدمير يتأسس عليه القول الشعري، من هذه المقاربة يمكن الوقوف عند ظهور الأشجار والفؤوس على نحو لافتٍ في مجموعته الشعرية قصائد استراحة الظهيرة، حيث تبدو صورة الشجرة قرينَ الشعر وصنوه، خصوصا في هذه الأبياتِ المفتاحيَّةِ: ”أنا/ أكتب قصائد/ رشيقة كَالأشجار “.
كما يحضر الفأس في عدد من قصائد المجموعة ذاتها: ”قد أدخل بيتكَ يوم غد بفأس في اليد، فلا تَخَفْ: أنا إله.“وعلى الرغم من تركيزه على السلام ومنح المخاطَب شيئًا من السكينة: ”فلا تَخَفْ“، إلا أن ذلك لا يتنافى مع وجود تهديد دائم في قصيدةِ آرندس، رعبٌ جَذَّابٌ، بسبب شكلها وبنيتها المدهشة.
______________________________
– [إِلَى خِيرِتْ ڴْوِينَارْ]
مَنْ
يَرْسُمُ
شَجَرَةً
يُرِي
الْمَعْرِفَةَ
اَلشَّجَرَةُ
لَيْسَتْ
لُغَةً
شَجَرَةٌ
مَرْسُومَةٌ
هِيَ اللُّغَةُ
اَلْفَأْسُ
يُحِيلُ الشَّجَرَةَ
خَشًبًا
.
***
.
إِذًا
فَالشَّجَرَةُ
غَيْرُ الْمَقْطُوعَةٍ
صَنِيعُ اللُّغَةِ
كُلُّ
قَائِلٍ
بِوُجُودِ
اَلشَّجَرَةِ
هُوَ
لُغَةٌ
.
***
.
اَلْفَأْسُ
تَصْنَعُ
اَلْخَشَبَ
مِنَ الشَّجَرَةِ
لِذَا
تُعَرِّفُ
اَلْفَأْسُ
بِالشَّجَرَةِ
وَالْخَشَبِ
وَالْفَأْسِ
هَكَذَا
تَتَحَدَّثُ
أَيْدِي
اَلْإِنْسَانِ
عَنِ الشَّجَرَةِ
.
***
.
لِذَا
فَالْخَشَبُ
لُغَة
اَلْبَيْتِ
وَهَكَذَا
فَالْكَلِمَةُ
مَسْكَنُ
اَلْإِنْسَانِ
.
***
.
إذًا
هَا أَنْتَ أَخِيرًا اسْتَطَعْتَ أَنْ
تَرَى
كَيْفَ الشَّجَرَةُ
تَتَفَرَّعُ
فِي الشِّتَاءِ
.
***
.
مَنْ
يُسِئْ
لِلشَّجَرَةِ
يَلْقَ مِنِّي
سُخْطًا
أَشَدَّ
اَلْغَضَبِ
مَنْ
يُسِيءْ لِلُّغَةِ
يُسِيءْ لِلْإِنْسَانِ.
.
***
.
اَلشِّتَاءُ
خَيْرٌ
خَاتِمَةُ
اَلنَّهَارِ
حِينَ يَحُلُّ الْمَسَاءُ
اَلتَّحْدِيقُ
فِي
اَلشَّجَرَةِ
نَحْوَ الْمَعْرِفَةِ
اَلَّتِي تَعْرِفُهَا
خِصَالُ الدِّفْءِ
خِصَالُ النَّارِ
إِنَّهُ
اَلشِّتَاءُ
وَالنَّظَرُ
إِلَى حَيَاتِي
نَحْوَ مَا مَضَى
لِحُسْنِ الْحَظِّ
إِنَّهُ الشِّتَاءُ
إِذَا
كُنْتَ تُحِبُّ الشِّتَاءَ
حَقَّ لَكَ
أَلَّا تَخْشَى الْمَوْتَ
عظَامُ
اَلشَّجَرَةِ
اَلْعَارِيَةِ
تُشَاهِدُهَا
عِنْدَ حُلُولِ الشِّتَاءِ
عِظَامُ
اَلشَّجَرَةِ
اَلْعَارِيَةِ
اَلتَّعَمُّقُ
فِي الْمَعْرِفَةِ
كَيْنُونَةُ
الشَّجَرَةِ
فِي
حَتْمِيَّةِ
اَلْمَوْتِ
.
***
.
أنَا
شَجَرَةٌ
مُنْذُ
اَلتَّبَرْعُمِ
وُرَيْقَةً
وُرَيْقَةً
تَجَلَّيْتُ
عِنْدَهَا
أَحَدُهُمْ
اِكْتَشَفَ
قَمْلَةً
فَوْقَ إِحْدَى
وُرَيْقَاتِي
إِنَّهُمُ الْآنَ
يَجْتَثُّونَنِي
.
***
.
اللُّغَةُ
تَتَبَرْعَمُ
وَالْكَلِمَةُ الْأَخِيرَةُ
سُؤَالٌ
فِي الْفَضَاءِ
.
***
.
مَا أَهَمِّيَةُ
اَلشُّعُورِ الْمُرْعِبِ
مِنَ السَّلَامِ
لِأَبٍ
يَشْحَذُ فَأْسَهُ
.
***
.
- [إِلَى هَنْ لَمِّرْسْ]
اَلْفَأْسُ
يَصْنَعُ
اَلْغُبَارَ
مِنَ الْإِنْسَانِ
.
***
.
[إِلَى يَنْ هَايْنْ دُنِّرِ]
.
قَاسِيَةٌ
هِيَ
يَدُ
اَلسَّيِّدِ
مُسْتَوِيَةٌ
هِيَ
يَدُ
اَلسَّيِّدِ
أَشَدُّ
قَسْوَةً
اِسْتِوَاءً
وَ
مُرْعُوبَةٌ
يَدَا
سَيِّدِ السَّيِّدِ
لا يُمْكِنُكَ
اَلْعَوْدَةُ
إِلَى الْقَاضِي
قَدْ مَاتَ
اَلْقَاضِي
.
***
.
كَلِمَةُ الشَّرِّ
نُطِقَتْ
كَلِمَةُ الشَّرِّ
تَتَكَرَّرُ
كَلِمَةُ الشَّرِّ
حَقًّا صَارَتْ
اَلشَّرُّ
لَيْسَ حَقِيقِيًّا
.
***
.
وحْدَهُ
اَلْحُزْنُ
حَقِيقِيٌّ
لَا يُمْكِنُكَ
اَلْعَوْدَةُ
إِلَى الْقَاضِي
اَلْقَاضِي
اَلَّذِي نَطَقَهَا
قَدْ مَاتَ
.
***
.
إذَا
مَا
اَلنَّاسُ
أَشَارُوا إِلَيَّ
فَلَيْسَ ذَلِكَ
بِسَبَبِ حَدْبَتِي
لَسْتُ
بِأَحْدَبَ
لِمَ
يُشِيرُ النَّاسُ
إِلَيَّ إِذَنْ؟
أَحْمِلُ
شَارَةً
مِنَ الْعَارِ
غَيْرَ مَرْئِيَّةٍ
أَحْمِلُ
وَصْمَةً
إنَّهُ
خَوْفٌ
مَا تُبْدِيهِ
مَعَ الرُّعْبِ
لِلْآخَرِينَ
.
***
.
إنَّهَا
اَلْوَصْمَةُ
سَبَبُ
مَرَضِكَ.
أَنَا
بِقُرْبِكَ
فِي مَصَحَّةِ الْمَجَانِينِ
جِئْتُ
لِأَفْعَلَ
مَا كُنْتُ
دَائِمًا أَفْعَلُه.
جُرْحًا
مُتَقَرِّحًا
أُظْهِرُ
أُبْرِزُ
اَلْوَصْمَةَ
اَلَّتِي
أَحْمِلُ.
ثمَّةَ
اِمْرَأَةٌ
نَبَاتَاتٍ شِرِّيرَةً
فِي رُوحِي
غَرَسَتْ.
شِرِّيرَةً لِدَرَجَةِ
أَنَّ الْحَيَاةَ
تَرْمَقُنِي
بِعُيُونٍ غَاضِبَةٍ.
تُعْلِنُ الْكَلِمَةُ:
— أَمْتَلِكُ
فَمًا آخَرَ
فِي حَيَاتِي.
أَخْتَلِقُ
لُغَةً
لَا وُجُودَ لَهَا.
.
***
.
أنَا لَصْقَةُ
ضِمَادِ
حَيَاتِي.
إِنْ أَزَلْتُهَا
يَصْرُخُ
مَاضِيَّ
أَلَمًا.
أَنَا
رَاعِي
اَلزُّهُورِ
اَلَّتِي أَخْتَلِقُهَا.
مِنَ الْأَفْضَلِ
أَنْ تُطْلِقَ النَّارَ
عَلَى أَنْ
تَكْتُبَ.
.
***
.
مِنَ الْأَفْضَلِ
عَدَمُ الرَّغْبَةِ
فِي مَعْرِفَةِ الْحَقِيقَةِ.
.
***
.
- [إِلَى لِينِي]
أقُولُ
هُنَاكَ
حَشَرَةٌ
بَيْنَ فَخِذَيْهَا.
مُحَالٌ
ذَلِكَ!
وَلَكِنَّهَا
اَلْحَقِيقَةُ.
لَا يُمْكِنُ
أَنْ يَكُونَ
كَذِبًا
مَا دُمْتُ أَقُولُهُ.
أَيْ
أَنَّ هُنَاكَ
حَشَرَةً
بَيْنَ
فَخِذَيْهَا.
هَلْ عَلَيَّ
إِذًا
اِغْتِصَابُهَا
لِإِخْرَاجِ
ذَلِكَ الْوَحْشِ!
.
***
.
في
مِلْيَارَاتِ
اَلسِّنِينِ هَذِهِ
وَالزَّمَانُ أَصْبَحَ
قَدِيمًا فِيهَا
لَا بُدَّ أَنَّ
خَطَأً
قَدْ وَقَعَ.
اِنْقِطَاعٌ
وَجِيزٌ.
وَقْفَةٌ
وَجِيزَةٌ.
فِي الزَّمَنِ.
يَوْمٌ.
كَيْفَ لِي
أَنْ أَعْرِفَ
أَنَّ الْيَوْمَ
جُمُعَةٌ؟
أَلَا
يُمْكِنُ أَنَّ
مَا
يَحْدُثُ الْيَوْمَ
أَمْسِ
كَانَ قَدْ وَقَعَ؟
.
***
.
أنْتَ تَرَى
أَنَّ لَدَيْهِمْ
قُرُونًا
فِي
رُؤُوسِهِمُ.
أَنْتَ
تَسْمَعُ
أَنَّهُمْ
يُصْدِرُونَ
وَصْوَصَاتٍ.
أَنْتَ تَعْرِفُ
أَنَّهُمْ
يَتَنَصَّتُونَ
عَلَى ضَمِيرِكَ.
وَمَعَ ذَلِكَ
تُوَاصِلُ
اَلتَّفْكِيرَ.
عِنْدَمَا
يَفْقِدُ الْقَصَّابُ
إِصْبِعَهُ
فِي الْمِفْرَمَةِ
فَالْإِصْبِعُ
يُضَاعَفُ
ثَمَنُهُ.
حَقًّا حَقًّا
فَالْقَصَّابُونَ
زُمْرَةُ تُجَّارٍ
.
***
.
- [إِلَى هَا. يِي. أَ . هُفْلَنْدْ]
هُمْ
لَا
يَعْرِفُونَنِي.
أَوْ
بَلَى؟
هُمْ
يَتَحَدَّثُونَ.
هُمْ
لَا يَتَحَدَّثُونَ
أَبَدًا.
إِنَّهُمْ
يَتَجَاهَلُونَنِي.
.
***
.
إِنَّهُمْ
يَصْمُتُونَ
فِي الْكَلَامِ
عَنِّي.
عَبْرَ
ثَرْثَرَتِهِمْ
بِصَمْتٍ
يَقْتُلُونَنِي.
.
***
.
إنَّهُ
عَلَى ظَهْرِ
يَدِي.
أَعْرِفُ
أَنَّهُ هُنَاكَ.
وَلَكِنَّنِي
لَا أَسَتَطِيعُ
تَسْمِيَّتَهُ.
اَلْمَرْءُ
يَرْغَبُ فِي مَعْرِفَةِ
كُلِّ شَيْءٍ.
هَذَا
بَدِيهِيٌّ.
إِنَّهُ
عَلَى ظَهْرِ
يَدِي.
وَمَعَ
ذَلِكَ
لَا
أَعْرِفُهُ.
أَكْتُبُ
قَصَائِدَ
رَشِيقَةً كَالْأَشْجَارِ.
مَنْ
يَسْتَطِيعُ
اَلْحَدِيثَ
بِلُغَةٍ رَشِيقَةٍ مِثْلِي؟
لَرُبَّمَا
كَانَ وَالِدِي
بَخِيلًا
فِي نُطْفَتِهِ
أَبَدًا
لَمْ أَعْرِفْ
ذَلِكَ
اَلرَّجُلَ.
.
***
لَمْ أَسْمَعْ
قَطٌّ
كَلِمَةً حَقِيقِيَّةً
إِلَّا وَآلَمَتْنِي.
لِكَيْ
تَكْتُبَ الْأَلَمَ
تَحْتَاجُ
مُفْرَدَاتٍ
قَلِيلَةً.
.
***
.
أَنَا
مِنْ
غُصْنٍ جَافٍّ.
أَنَا
آكُلُ الشَّجَرَةَ.
أَنَا
آكُلُ الْعُشْبَ.
وَهَكَذَا
آكُلُ التُّرَابَ
وَالْبُخَارَ
وَالْعَتَمَةَ.
هَكَذَا
أُحْرِقُ
كُلَّ شَيْءٍ
وَأَكُونُهُ
وَأَعْرِفُهُ.
كَانَ
مَجْنُونَا.
أَحْمَقَ
لَا يَعْرِفُ
اَلْخَوْفَ.
اِلْتَقَطَ
اَلنَّارَ
وَتَدَفَّأَ بِهَا.
رَأَى
اَلسَّيِّدَ
اَلْهَازَّ رَأْسَهُ.
مَجْنُونٌ
وَهَبَ النَّارَ
لِلْبَشَرِ.
.
***
.
⁃ ⁃ [إِلَى الْبْرُوفِيسُورْ بِي. سِي. كَوْبِيرْ]
اَلطَّبِيبُ
شَكَّلَ مِنْ يَدِهِ الْكَبِيرَةِ
أُذُنًا ضَخْمَةً.
إِشَارَةٌ
إِلَى أَنَّهُ
يُرِيدُ أَنْ يَفْهَمَنِي.
يَسْتَمِعَ
إِلَى أَمْرَاضِي.
لِذَلِكَ
صَرَخْتُ حُزْنًا.
لِكَيْ
أَجْعَلَهُ
يَضْحَكُ.
لَمْ
أَنْجَحْ
لَقَدْ كَانَ أَصَمَّ.
.
***
.
لَا
تُغَنِّي
اَلْقَصَبَةُ
لَا
إِلَهَ.
اَلْأَشْيَاءُ هِيَ
كَمَا هِيَ.
اَلْقَصَبَةُ
اَلْمُرَنَّمَةُ
غَيْرُ مَوْجُودَةٍ.
وَاقِعٌ
لَيْسَ إِلَّا.
إِنَّهَا
اَلْقَصَبَةُ.
هِيَ اَلْإِلَهُ.
وهَذَا
مِنَ الشَّمْسِ
وَذاكَ مِنَ الْقَمَرِ.
كُلُّ
ذَلِكَ الدُّخَّانِ
مِنَ الْأَرْضِ.
مِنْ
ذُهُولِ
اَلْوُحُوشِ.
مِنْ ضِيَاءِ الْأَرْضِ
وَاَلشَّمْسِ
وَاَلْقَمَرِ.
خَوْفًا مِنَ اَلْوُحُوشِ.
.
***
.
آثَارُ أَقْدَامِي
اَلَّتِي
خَلَّفْتُهَا
مِلْكُ
اَلْأَرْضِ.
حَيَاتِي
مِنَ
اَلْمَاضِي.
كَلِمَتِي
عَلَى أَفْوَاهِ
اَلْآخَرِينَ.
لَسْتُ مَوْجُودًا.
لَقَدْ كُنْتُ.
هَذِهِ
طَبِيعَةُ
اَلْأَشْيَاءِ كُلِّهَا.
اَلصَّيْفُ
أَسْتَطِيعُ
دَعْكَ
وَجْهِهِ.
أَسْتَطِيعُ
إِرْغَامَ ثَرْثَرَةِ اَلْوُرَيْقَاتِ
عَلَى الصَّمْتِ.
وَلَكِنَّنِي اَلْآنَ
صَنَعْتُ الشِّتَاءَ.
قَدِيمٌ
وَبَارِدٌ
بِأَقْدَامٍ مُرْتَجِفَةٍ.
وَأَرْسُمُ عَلَى الْجَلِيدِ
مَا هُوَ كَائِنٌ
حَزِّرْ فَزِّرْ مَا هُوَ؟
.
***
.
أَنَا
فِي الْخَمْسِينَ
وَلَسْتُ
لَطِيفًا.
لَا
زَوْجَةَ
وَلَا
أَحْفَادَ
وَاسْتَمْنَيْتُ
كَثِيرًا
هَكَذَا
أُلَوِّثُ
اَلْخُبْزَ.
اَلْعُفُونَةُ
مِنِّي.
.
***
.
أَيْنَمَا حَلَلْتُ
أَجْلُبُ
اَلشَّقَاءَ.
.
***
.
رُبَّمَا
أَجِيئُكَ
غَدًا
حَامِلًا فَأْسًا.
فَلَا
تَفْزَعْ
لِأَنِّي
اَلْإِلَهُ.
.
***
.
أَحْزَانِي
قَدْ هَرِمَتْ.
أَقُولُ
إِنَّ
اَلْمِعْطَفَ
لِمُتَشَرِّدٍ
في بلد شتوي.
حُزْنٌ
أَصْلَعُ
مُخْتَلُّ الذَّاكِرَةٍ.
أَتَكَلَّمُ
بِفَمٍ دَامِعٍ
عَبْرَ كَأْسِ جِنِيفِرْ.
غُرَابٌ
يَنْعُبُ أَلَمَهُ
فِي اللُّغَةِ.
.
***
.
- [إِلَى إِ . رُولَنْدْ هُلْسْتْ]
مَاذَا
يَفْعَلُ
اَلرَّجُلُ؟
يَمْنَحُ
اَلْبَحْرَ
أَسْمَاءً.
يَذْهَبُ
إِلَى
اَلشَّاطِئِ.
يَمْنَحُ
اَلْبَحْرَ
اِسْمًا.
يَهَبُ
لُغَتَهُ
إِلَى الْبَحْرِ.
يَمْنَحُ
اَلْبَحْرَ
فَمَ
اَلْأَرْضِ.
يَهَبُ
اَلْأَسْمَاءَ
كُلَّهَا
إِلَى الْبَحْرِ
.
***
.
صَوْتُ
اَلْإِنْذَارِ
اَلْجَوِّيِّ.
اُنْظُرْ
إِلَى
اَلْأُفُقِ.
أَعْرِفُ
مَا
عَلَيَّ
فِعْلُهُ.
يَجِبُ
أَنْ
أَهْرُبَ.
وَلَكِنْ،
إِلَى
أَيْنَ
اَلْمَفَرُّ؟
اَلْكَلِمَاتُ
اَلَّتِي
تُرِيدُ قَوْلَهَا
غِطَاءٌ هِيَ.
تُغَطِّي
اَلْحَقِيقَةَ.
أَرْفَعُ
يَاقَتِي.
أَرْتَدِي
مِعْطَفًا.
أَكْذِبُ
فِي شِتَاءِ
حَيَاتِي
.
***
.
أنْتَ تَمْلِكُ
مَالًا.
أَوْ
لَا
تَمْلِكُ مَالًا.
أَنْتَ
جَائِعٌ.
لَدَيْكَ
اَلطَّعَامُ.
أَوْ
أَنْتَ جَائِعٌ
وَلَا
طَعَامَ
عِنْدَكَ.
