أنا مدينة لا تنام || قصائد آدم حاتم

خاص | مدار 24

أنا مدينة لا تنام

أنا مدينة ٌ لا تنام

بلا كمشة حبوب

ناداني من بين الأمواتِ

وقال لي: إنهض

فأنت أجمل الأحياء

جدول الدم

الذاهب

الى

فم

الساحرة…

تلك

هي

حياتي

إن كان عليًّ

أن أحيا مجبرا ً

ستجدني ذات يوم ٍ قتيلا ً

في الوديان البعيدة

.

على الأرض السلام

هذا هو الليل ،

ليلنا الذي نثرناه على الجميع

حديث الظلام وحده ُ

يؤرّخ جميع الفصول.

ظلامنا هو الموسوعة اللائقة لقياس حجم جزعنا وعصياننا

ضدّ الأباطرة الذين خلقوا للإنسانيّة تاريخ خرابها القادم.

من ليلنا هذا

ودمنا الملقى على وجوههم

سنصنع فجرهم المكلّل بالعار

نحن لم نرفض هذا الظلام المرعب، بل قبلناه

ليدخله الجميع ستارا ً قادما ً خلف ستار

مذبحة تنجب مذابح

وكأنّنا عندما أردنا أن نتلو عليهم سورة الصباح، قالوا:

انّ صاحبكم مجنون، وها هم:

سلفيّون، عتاة الاحلاف القديمة

كردٌ ذهبوا الى التيه بمحض إرادة مأجور ٍ أو معتوه

عرب ٌ رأوا في كسرى المخلّص والمنقذ

تركمان يعيدون نسخ صورة أتاتورك، والى جانبه صورة تركيا الفتاة

على انّها خير وسيلة ٍ للنجاة من الوطن.

أشقاء ٌ انتظروا هدايا الفاتحين، فكانت أضابير كبيرة

تطالبهم بنسيان ما تبقى من أوطانهم وشرفهم.

دعاة الدين ورعاة ظل ّ الله على الارض

لم يأخذوا من ذكريات انتصاراتهم علينا

سوى صور عاهرات ٍ يتسكعنَ تحت جدران عتباتنا المقدسّة.

غزاة مارقون، دفنوا الجريمة كاملة ً تحت ظلال مظلاتهم التي

تحمل القوت والدفء إلى الضحايا، الذين أصبحوا ضحايا لضحايا

يحاولون ترميم ما تبقى من سور الوطن.

كيف سيكون الانكفاء غدا ً

حين تجتمع على الجريح

هذه الحشود من الطعنات؟

اذن هو الليل

الذي سنكون جميعا ً شركاء فيه

حتى يضحك الغزاة

الذين بهرهم حجم هزيمتنا

فملأوا ممرّات الجبال بأرتال الصدقة

للهاربين من وجه الوطن.

هو ليلنا الذي لن يرحم أحدا ً

حتى قيامتنا التي لن تقوم

إلاّ على جثث الذين تواطأوا

وعملوا على صناعة هذا الظلام الموحش.

أيّ كلام ٍ يستطيع الإحاطة بحدود هذه الفضيحة الفجّة؟

ومن الذي يمتلك تلك المناقبيّة والحصافة، ليدلّنا على ما

وصلنا إليه من ركاكة ٍ في التعبير؟

انّها كلمات ٍ خاوية، عقيمة وجائرة

ولكن لا بأس من أن نعود الى هذا الليل

الملطّخ بالدماء والفجيعة:

ليل العراق الذي وقع في حندس الفخاخ التي نصبها صاحبنا

وأبناء عمومتنا، ومن وراءهم مهندّس المجزرة

يضحك بعينين زرقاوين.

أخيرا ً

شكرا ً من سلالة الوعي الاوّل، والحكمة الاولى

شكرا ً من سلالة اللهب القديم، والحرف الذي علّمهم الصلاة

شكرا ً لآل عدنان وقحطان، ومن عليهم، أو معهم،

من الذين شاركوا بتشييع طفلنا الخالد

طفلنا الحي ّ: عراق.

.

قالت لي الظلال

هذا هو خطابي

إلى الشمس الذي

قاده النور نحو الفراغ

حيث المجرات ” تَسحلْ “

الزمن الأبيض نحو كائنات

التلال الحزينة.

ـ أنا وتسعة ظلال من حولي

نبحث عن ركام العائلة

نبحث عن الأخت التي

تبكي بين النجوم

والشقيق الذي سرقه الجنوب

لأجل شيء رهيب

أنا وظلالي التي تثرثر

عن قصة قدومه إلى هذه المدينة

يبقى ساعياً وراء الزمن

وراء ساعة موته

التي تمشي على رمال الكون

بساق غريب

وأزده مير مقتول خانته الإحتمالات

لا يعرف دروب الأناضول

حيث الرواة القدامى

أصدقاء الغبار

يصنعون طيور اللهب من ماء الورد

ويروون الآتي على ضوء أصابعهم

حيث الترجمان الأصفر

من حجرات تجاسد فيها الضوء والموت

يتشاجر مع الكلمات التي جاءت

من نطق سحيق

يقص للعشاق أغنية العيون السود

وعن عاشق انتظر حتى تنام الجبال

فسرق منها الينابيع والزنبق والطيور

هدية لامرأة ذبحته في اليوم التالي

ويالها من ليالي رأيتك فيها

ضائعاَ بين درب الأناضول

أوزده مير

تلك نبوءة أشعيا

تضرب بابل من جديد

بينما عقارب الأيام

تشرب من جداول الألف، مدينة الحبوب والعصافير

التي لا تنام إلا بحفنة من ” الفاليوم “

ـ مدينتي التي أحرقت الغيوم

فوق رؤوس المحاربين الخطاة ـ

قالت لي الظلال :

النور هنا مسكون

سكارى المدينة ماتوا في حاناتهم

وكل الفنادق مات فيها الغرباء

دونما سبب

أما الهدهد العائد

من براثن السحر

فوق ساجد للغزاة

وهم يطوقون بعظامه

مدينتنا منذ زمن بعيد

قالت لنا الظلال :

أنتم أطفال العاصفة

سكارى المجرات

سعادة ليل ناقص من ملذات

لا تخطر ببال الملوك

ياعين ذئاب جريحة

تفرستم حفلة العنكبوت

وهو يغزل بيته في عيون الأمل

ما الذي يجعل المرء يقتل أحيانا ؟

ما الذي يجعل المرء يقتل أيضاً ؟

بصفة القاتل والقتيل معاً.

.

لا أحد

لا أحد يصحّح خطأ الموت

كما تقول الشّاعرة التي أصادفها في الحانات كثيراً

ثمّة لا أحد في الحياة ولا أحد في الحانات ” ..

لا أحد .. لا أحد .. لا أحد .

جدول الدّم الذّاهب إلى فم السّاحرة

تلك هي حياتي ”

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.