أنْ يتقاتل أبناء المشرق أو يتعايشوا
كلّه يبدأ من نشرة أخبار أو تدوينة سوشيال ميديا
(عن أخطاء عربية مرتحلة من العراق ٢٠٠٣ إلى سورية ٢٠٢٥)
القنوات الفضائية العربية، تحديدًا، تقول في نشراتها عن الأحداث في سورية منذ ساعات :
– يجري تطويق الفلول.
– يجري صدّ الخارجين عن القانون
القصّة أكبر من حصر الأمر بهذه التوصيفات، في توقيت من الانفلات والاشتباكات والتصفيات الدموية التي تصل مشاهدها البشعة بالتتابع.
الإعلام ذاته يكرّر الخطأ نفسه الذي ارتكبه في العراق بعد ٢٠٠٣م، وهو جزء من خطأ المنظومة العربية ككل تجاه العراق حينها، بالتحيّز المحسوب وتبني رواية واحدة، من دون التفكير بتبعات هذه الصياغات الكارثية على مستقبل البلد، أي بلد، وبلا جهد آنذاك في دعم فكرة الدولة الوطنية التي تحتضن الجميع.
تريدون الاستقرار لسورية، لا تكرّروا أخطاءً تعمّق المشكلة وتزيد من الانقسامات الاجتماعية والطائفية وتقدّم بلداننا فريسة لمشاريع معدة وجاهزة من خارجها، وضمن أجواء إقليمية فيها الأنياب سواء المتكسّرة للتوّ أم البارزة اليوم والمتحفّزة للقضم كلّها متأهبة للتدخل.
خيار التعايش يبدأ من على شاشات التلفاز، وبين حركة شفاه المذيعات العربيات وهي تلمع في هذه الوسائل الإعلامية.
في جو ملتهب مثل هذا، هل ينفع القول أنّه لا بدّ من لجم كلّ المدونين قبيحي الأفكار من أشرار هذا العصر، شيعة، سنة، كرد، علويين، دروز، ومسيحيين، أيًا كانوا ؟
قدر بلداننا أن تتعايش باحتواء المختلف وحفظ حقوقه وكرامته بحلول وتفاهمات سياسية وإدارية، لا أن تستمر هذه المقاتل، وأن نعتمد حقيقة (يكون الواحد منا فيها بأمان حينما يشعر الآخر المناقض له مذهبيا ودينيًا بالأمان أيضًا).
هذا دم وأرواح تهدر، وقد دخل مشرقنا العربي عصره الأسود القاتم بما ينتظره من مخاطر وجودية صارت واضحة.
__________________________
* حسام السراج : شاعر وإعلامي عراقي