تظن أننا نعبدُ رباً غير الرب الذي
تصلي له
فتعمد إلى شقّ صدر أحدنا
و إزاحة الدم اللزج
عن قلبه.
تفعلُ ذلك بمرح و أريحية
دون أن تنتظر حتى إلى السماء
التي تنتمي لها..
ربك على أية حال
هو من طلب منك ذلك
ولكن ما لا تعرفه هو أنك ستتعب
فإذا احتاج ذبح كل واحد
منا إلى دقيقة
فأن قطع مليون رأس
يتطلب منك سنةٌ
و 329 ليلة
و عشر ساعات!
ألا تظن أنك ستضيع المزيد من الوقت
إذا قررتَ إبادتنا جميعاً؟
إذا علمتَ بأننا مئة مليون نسمة
على الأقل؟
و نحن نطلب منك ألا تفعل ذلك
تقديراً لوقتك
فلديك زوجة و مستقبل بعيد
ومهام يومية لا نعرف عنها شيئاً..
إذن حافظ على وقتك لا على دمنا
وأعد القلب إلى مكانه
حتى لو لم يعد ذلك مجدياً
فالأكثر أهمية هو أن تكون قد عرفتَ
بأن السكّينةَ ليست الآلة المخصصة
لإيجاد الرب.
***
جسد تحوَّلَ إلى بقعة
دم، أزيح عن الطريق لئلا ينتبه
له المارة.
لعل الأم تعرف ابنها
لكن القتلة ظلوا يحرسون
الجثة حتى نامت نجوم عديدة
و اختفت أخرى في عيني
الميت..
القتلة محترفون حد قدرتهم
على تجفيف الدم اللامع
ببقعة ماء.
***
عاد الطائفيون إلى منازلهم
و في الطريق سألوا كل من صادفهم
عن اسمه و عمن يتشبث به
أو يتوسله.
الطائفيون يفكرون بذبح
كل من لا يليق بأن يبدو حياً بالنسبة لهم
لكنهم ابتدعوا الأسئلة الشائعة
تخفيفاً للألم.
***
لأن يكتب المرء الآن عن الأرض السعيدة
فإنه مثل من يخبر
طفلاً بأن الله
سيجلب له هدية ميلاده
ذات يوم
حيث أن الأطفال لا يكبرون بين ليلة
و ليلة
فإننا ينبغي أن نوهمهم
بأن الكارثة لن تحلَ حتى في العام القادم
و بأن لدى الآلهة خزانات
هائلة لهدايا الميلاد.
***
أقرأ كتاباً عن استطاعة النوم
فيمنعني ذلك عن إغماضة عيني،
مجدداً سأغطس
بأشجار الكتب بحثاً
عن الثمار
لاجئاً إلى الخرائط لعدم التفريط
بوطن صغير،
لائذاً بكتب الحبّ
ثمة من لا يعجبه أن يدفعَ ثمن النسيان.
***
القتلة يفكّون الحروفَ
و يقشرون كلَ حرف على حدة.
يصل إلى الدور لاسمي
فيبدو الأمر مسلياً بالنسبة لهم
يسحبون الحرف الأول
ثم يخفون الأحرف الثلاثة من الاسم..
القتلة ينبغي أن يخططوا لكل شيء
ويلزمهم تجفيف المزيد من الدموع
كي تتقشر عيني.
***
يعلمُ كثيرٌ من الخلق
أن الموت تافه
حين تمطر السماء فتنبتُ
عشبةٌ على جانب قبر
ثم تمطر ثانية فتزهر
و ثالثة فتذبل
و رابعة فتنبت عشبتان أو أكثر
الموت الذي ليس بوسعه أن يجيء على العشب التالف و يستثني الأزهار.
***
أهدي لك قصيدة
وقد كاد أن يختفي هؤلاء الذين يرحبون
بهدايا مثل القصائد
أو يعتنوا بها..
قصيدتي ليست
سيئة، أعني أن زمنها سيجيء،
الزمن الذي يتتبع به الناس
أسرار الشعراء سيجيء،
ليس الآن لكنه سيجيء.
الزمن اللذيذ الذي سينبش به الآثاريون
قبورنا،
سيشعلون النار المقدسة ثانية
لعناق الموتى.
***
قادني الشعرُ كما يقودُ
حكيمٌ مجنونٌ و دميمٌ
طفلا إلى الشمس
بواسطة مصباح يرتعش..
هناك حيث أصبحت البحيرة لامعة
قاد الطفلُ الحكيمَ
إلى بيته،
وجد أحدهما بأن الشمس لا تبدو كافية
فنسي المصباح!
_______________________________
* عامر الطيب : شاعر وكاتب وصحافي عراقي، مواليد 1990، اصدر عدد من المجموعات الشعرية، منها “يقف وحيدا كشجرتين” و “البقية في حياة شخص آخر” و “أكثر من موت بإصبع واحدة” و “نبلاء وموتى وحزينون” و “الأفعال الماضية الى الأبد” ترجمت أشعاره للغة الفرنسية، الإسبانية، الكردية، والفارسية.