“فشرتو..” شاهدة على أزمة التطهير العرقي في سورية

أسرة التحرير | مدار 24

كلمة “فشرت” كلمة عربية عامية تشتهر بها لهجات الشام ولبنان، وتستخدم للتعبير عن التحدي والرفض، وقد تحمل نبرة قوية أو حتى عدائية في بعض السياقات. وهي تعني بشكل عام “لن تستطيعوا فعل ذلك” أو “لن تنجحوا”. وفي أمثلة على استخدام الكلمة : “فشرتوا أن تهزمونا” و “فشرتوا أن تنالوا منا” و “فشرتوا أن تحققوا أهدافكم”.

تستخدم هذه الكلمة كثيرا في اللهجات الشامية ولهجات أهل لبنان، وغالبًا ما تحمل نبرة تحدي أو استخفاف. وأصلها غير واضح، أو أن جذورًا تراثية لها غير موجودة، لكن يعتقد أنها مشتقة من الفعل “فشر” الذي يعني “أخفق” أو “فشل”.

أما بالنسبة لأول من قالها، فلا يوجد شخص محدد يمكن نسب هذه الكلمة إليه، فهي كلمة عامية متداولة بين الناس منذ القدم. ومؤخراً، استخدمت هذه الكلمة بكثرة في الخطابات السياسية والإعلامية، خاصة في سياق الصراعات والتحديات.

وذلك يحيلنا الى سجالات السياسة اللبنانية فبعد اغتيال رفيق الحريري، استخدم نجله سعد الحريري في خطابه الذي وصفه الإعلام حينها بالعاطفي في الذكرى الخامسة عشرة لاستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، استخدم مصطلح “فشرتو” في الرد على ممن تصدوا أو ينوون التصدي له، وأخذ المصطلح وقتها تغطية كبيرة.

اليوم يعود هذا المصطلح من جديد بعد التطورات التي شهدتها مناطق الساحل السوري وما حدث فيها من مجازر مروعة ارتكبتها هيئة تحرير الشام التي اطلقت على نفسها اسم قوات الامن بعد ان أستولى الارهابي ابو محمد الجولاني على الحكم في سورية، حيث قاموا بارتكاب مجازر عديدة بحق الطائفة العلوية.

وظهرت كلمة “فشرتوا” من جديد لتصبح الأكثر بحثاً على فيسبوك في الساعات الماضية، وذلك لقول السيدة السورية العلوية أم أيمن “فشرتو”، بوجه قاتلي أبنائها، حينما قال لها أحد المسلّحين : “أنتو غدّارين. أعطيناكم الأمان وغدرتوا فينا” “أنتم أنجاس” لترد عليه بكل ثبات وقوة : “فشرتو”

السيدة “زريقة” أم أيمن التي تبلغ من العمر 86 عاما والتي جلست على قارعة الطريق أمام جثتي أبنائها “كنان، وسهيل” وحفيدها “محمد” وهي تنظر بقلب مكلوم، لمسلحين يسحقون رأس الجثة متفاخرين، الأم “زريقة” حارسة على جثث أبنائها أعطت درسا عظيما في الصبر والتضحية والمقاومة، وذاكرة لقسوة بالغة.

تقول شهود عيان أن أم أيمن بقت لأربعة أيام تحرس جثث أبنائها بعدما منعها المسلحون من دفنهم، خوفا من أن يقوم أحد القتلة بالمثلة بهم،

توجّه الاتهامات لهيئة تحرير الشام بارتكاب انتهاكات بحق العلويين في المناطق التي تسيطر عليها، بما في ذلك القتل والتهجير القسري. وثمة مخاوف من أن تكون هذه الانتهاكات ذات دوافع طائفية تنتهي بالتطهير العرقي للعلويين بعد قتل اعداد كبيرة منهم وتهجير آخرين.

وقعت الجريمة في السابع من آذار/ مارس، حين اقتحمت مجموعات عسكرية كان بعض عناصرها مكشوفي الوجوه وآخرين ملثمين، منزل العائلة في قرية قبو العواميد في ريف القرداحة، وفقاً لما روته ابنة السيدة زرقة للمرصد السوري لحقوق الإنسان. ولم يكتفِ القتلة بإزهاق الأرواح، بل حرموا الأمّ من حقّ دفن أبنائها. حيث تروي الابنة: “كانت تناوب على حراستهم ليلا ونهارا”. إلا أن “فشرتو..” الكلمة التي ستلاحق كل من استباح دماء السوريين والعلويين وتقف بوجهه.

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.