تحديات متزايدة يواجهها البنك المركزي العراقي في ظل الضغوط الأمريكية

خاص | مدار 24

يواجه البنك المركزي العراقي (CBI) وضعًا اقتصاديًا صعبًا ومتزايد التعقيد في ظل تصاعد الضغوط والتضييق الذي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية بعد عودة دونالد ترامب للسلطة. وتأتي هذه الضغوط في سياق سعي واشنطن للحد من تدفق الدولار الأمريكي إلى جهات تعتبرها معادية لمصالحها، بما في ذلك دول مجاورة للعراق.

ومؤخراً تمثلت هذه الضغوط في سلسلة من الإجراءات والتحذيرات التي تستهدف القطاع المالي العراقي، شملت تدقيقًا مكثفًا للتحويلات المالية وعمليات البيع والشراء بالدولار، بالإضافة إلى فرض قيود على بعض البنوك العراقية في التعامل بالعملة الأمريكية.

يرى مراقبون أن هذه الضغوط تهدف بشكل مباشر وأساسي إلى منع تهريب الدولار وغسل الأموال، وضمان عدم استفادة جهات معينة من النظام المالي العراقي للالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة عليها. ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات تثير مخاوف جدية بشأن استقرار العملة المحلية (الدينار العراقي) وقدرة البنك المركزي على إدارة السياسة النقدية بشكل فعال.

وفي الوقت نفسه يجد البنك المركزي صعوبة متزايدة في الحفاظ على استقرار سعر صرف الدينار مقابل الدولار في ظل القيود المفروضة على تداول العملة الأجنبية. إذ تؤدي القيود الأمريكية إلى نقص في المطروح من الدولار في السوق المحلية، مما قد يؤثر سلبًا على النشاط الاقتصادي والتجارة.

يسعى البنك المركزي العراقي جاهدًا للامتثال للمعايير الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، لكن الضغوط الأمريكية المتزايدة تضع عبئًا إضافيًا على قدراته، وتواجه البنوك العراقية صعوبات في التعامل مع البنوك والمؤسسات المالية الدولية بسبب المخاوف من العقوبات الأمريكية، مما يعيق عمليات التحويل وتمويل التجارة.

ولكن على الرغم من التحديات، تبذل إدارة البنك المركزي العراقي جهودًا حثيثة للتخفيف من آثار هذه الضغوط. تشمل تعزيز الرقابة على القطاع المصرفي، وتطبيق نظام إلكتروني للتحويلات المالية لزيادة الشفافية، والانفتاح على عملات أخرى في التعاملات التجارية لتقليل الاعتماد على الدولار.

وقد صرح محافظ البنك المركزي علي العلاق مرارًا بتأكيد التزامهم بالحفاظ على استقرار النظام المالي وحماية مصالح الاقتصاد العراقي. وأكد على أنهم يعملون بتنسيق كامل مع الجهات الدولية المعنية لتطبيق أفضل الممارسات والمعايير.

ويبقى الوضع الاقتصادي والمالي في العراق مرتبطًا بشكل كبير بمدى استمرار وتصاعد الضغوط الأمريكية. إذ من المرجح أن يستمر البنك المركزي العراقي في مواجهة تحديات كبيرة في إدارة السياسة النقدية والحفاظ على استقرار العملة. ويتطلب تجاوز هذه المرحلة الحساسة تضافر الجهود بين الحكومة والبنك المركزي والقطاع الخاص، بالإضافة إلى حوار بنّاء مع الولايات المتحدة لتوضيح المخاوف العراقية والبحث عن حلول تضمن مصالح الطرفين وتحافظ على استقرار الاقتصاد العراقي.

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.