المثقف المستقل في مواجهة القطيع || لماذا يظل على بدر استثناءً رغم الخطأ
كتبه : محمد الأمين _ شاعر عراقي فارسي مقيم في هولندا
في المشهد الثقافي العراقي الذي تطغى عليه الانتماءات الضيقة، يبرز الروائي علي بدر كحالة تستحق التأمل، ليس فقط لإنتاجه الأدبي، بل لموقفه الأخلاقي الأخير. فبينما يغرق الكثير من المثقفين العراقيين في “عشائرية فكرية” تجعلهم أكثر تمسكاً بالولاءات الضمنية من شيوخ القبائل أنفسهم، اختار بدر أن يواجه الاتهامات الموجهة لدار نشر “ألكا” بسلاح المثقف الحقيقي: قلمه وحجته.
إن ما يميز تجربة علي بدر هو ترفعه عن “العكازات” التقليدية التي يهرع إليها أقرانه؛ فهو لم يستند إلى جدار ميليشيا، ولم يبع قلمه لعصابة سياسية، ولم يلوث يده بأموال الميزانية العامة المنهوبة. وفي الوقت الذي سقطت فيه أسماء، كان يُفترض بها أن تكون حارسة للقيم، في فخ الدفاع عن الطبقة السياسية الفاسدة التي استباحت دماء شباب “ثورة تشرين” — كما فعل “أبواق” من أمثال شوقي عبد الأمير— ظل بدر بمنأى عن هذا السقوط الأخلاقي المدوي.
ومع ذلك، تضعنا هذه الحالة أمام معضلة أخلاقية معقدة. إن المكانة الرفيعة التي يشغلها علي بدر في مدونة الرواية العراقية والعربية لا تمنحه “صك غفران” لتمرير كتب بأسماء مؤلفين وهميين؛ فهذا خطأ مهني لا يمكن تبريره في عالم النشر. ولكن، وفي ذات الوقت، لا ينبغي لهذا الخطأ أن يُتخذ ذريعة من قبل خصومه لمحاولة اغتيال رمزيته أو إنكار إسهامه الثقافي الهائل.

يستحق علي بدر التقدير لتفرده في المشهد الثقافي، حيث يبرز التزامه بالأخلاق والمبادئ في زمن تسيطر فيه الولاءات الضيقة. مقاله يفتح آفاقاً جديدة للفكر الحر.