خمس قصائد
مبارك وساط
* راقصات
أمام باب حديقة مهجورة
رأيتُ مناديل رهيفة ذات ألوان
منسيَّةً في أيدي راقصات
مِن عصر سالف
الأيدي من دون أجساد
مع هذا يُمكنك تخيّلُ صاحباتها
والبرد اللطيف
سيتكفّل بأنْ ينقل أسماءهن
إلى أذنيك اللتين أدماهما الانتظار
إثر ذلك ستسمع طقطقات أحذيتهنّ
وتنهيداتهنّ أيضاً
فهنّ لم يتعوَّدن على الموت بَعد
* امرأة
امرأة تَمسح حُزن البارحة
عن طاولة فوقها كتاب
هي تعرف الكثير من أسماء الجبال
والمطرُ الأخير
قاسمها أسراره
“أنا في سِنّ البَرق“
هذا ما تقوله وتبتسم
تعرَّفتُ عليها يوماً وعلى الفور
شاركتني البحث عن قدّاحة
كنتُ أضعتُها وسط أحجار وحَصًى كثير
تلك كانت قدّاحتي الحمراء
كم مرّةٍ وضعتُ يدي في جيب بنطالي
فوجدتها رقيقة وهادئة ولطيفة
لقد كانت ملِكةً على شرارات
وتشرّبتْ ضحكاتي في حانات
وكثيراً ما سافرتْ حتّى الأفق
وأصبحتْ نجمة جميلة تلمع من بعيد
المرأة تمسح حزن البارحة
عن طاولة فوقها كتاب
إنّها في عُمر البروق
سأجلس قبالتها
ونلعب مباراة شطرنج
* العاصفة التي…
العاصفة التي طوّحَتْ بأفكاره
لم تُبق في ذهنه سوى كومات ثلج
عشبُ حديقته
انقلب إلى قطن
أصداء نُباح نفذتْ عبر نافذته
لكنْ ليس في الخارج شَبَحُ كَلب
هنالك أعمدة كهربائيّة فحسب
وهو يراها بيضاء
لا يَدري هل هي التي أصبحتْ شموعاً طويلة
أمْ أنّه يراها
مِن خلال عقله الذي غزاه الثّلج
في الصّباح شَعَر بِقلق وَخَرَج
فكّر : “عليّ أنْ أسحب ما لديّ في البنك
قبل أن تُصبح الأوراق النّقديّة التي في حِسابي
مجرّد أوراق فارغة ورهيفة
تصلح فحسب لِلَفّ الحَشيش“
في طريقه إلى البنك تذكّر
أنّ رَصيده هو تحت الصِّفر
فتوقّف عن السّير
وتنفّس الصُّعَداء
* يَنفث الصّباح أنفاسَه
ينفث الصّباح أنفاسه اليائسة
في كأس قهوة أمامي
نافذةُ غرفتي تُحيّي صديقة عابرة
من التّلفاز يسيل دم غزير
في مُخيّلتي تركض ظلال
مُنكِّسةً هاماتها
أَخرج لأتمشّى
لكنّ الطّريق تتشنّج
وتختضّ تحت قدميّ
أتابع طريقي
متقافزاً
* نِداءُ موجات
أسمعُ نداءَ موجاتٍ بعيدات
هل الشّاطئ يفتقدني ؟
البارحة كان هنالك حَفل على الكورنيش
ووُزّعت الشّامبانيا
ورقصت جميلات
وحتّى بنات آوى
قدّمن عروضاً مُسَلّية
كانت الموسيقى الشّعبيّة
تنفذ إلى أذني اليُمنى فحسب
اليسرى أرستقراطيّة وسأتبرّأ منها
أنا ماض مجدّداً إلى الكورنيش
لديّ في أحد مقاهيه موعد
مع صديق مُفَكّر
سأساعده في تنقيح الجزء الثّالث
من غَرابة أطواره
شَاعر وروائيّ ومترجم مَغربيّ،، درَّسَ الفلسفة حتّى نهاية 2005.[حاصل على جائزة سركون بولص للشعر وترجمة الشعر في عام
.2018
من مجموعاته الشعرية:
على دَرَج المياه العميقة
مَحفوفاً بأرخبيلات، يليه: راية الهواء
فراشة من هيدروجين
رَجُلٌ يبتسم للعصافير
عيون طالما سافَرَتْ
سنة 2023، نشر رواية بِعنوان: وَديعة خُفاف.
ترجم أعمالاً أدبيّة إلى العربيّة.