في دولة العراق التي يترأس حكومتها مهندس، وتتكون حقيبته الوزارية في معظمها من المهندسين، وفي بلد كان سباقا في تخريج المهندسين للعالم، ولكن مع ذلك لا يحصل المهندس في ظلها على أي نعيم يذكر، لا حقوق، ولا كرامة، بل العكس يمكن أن يتعرض للإساءة والمضايقة، والسجن والقتل والتصفية، والحرمان من فرص التعيين، وغيرها من المظلوميات التي قد تتعرض لها أيضا شرائح كبيرة من كفاءات المجتمع.
المهندس بشير خالد ابن هذا البلد الذي يحتاجه اليوم في أكثر من أي وقت مضى، وليس في مرحلة الاستغناء عنه، ولا في مرحلة أن يترك بشير أو غيره من المهندسين تخصصه وعمله وينخرط في مجال آخر هو والبلد في غنى عنه، أو أن يودع في السجن ويعطل عن عمله نتيجة شجار بسيط.
توفي صباح هذا اليوم المهندس بشير خالد في مستشفى الكرخ متأثراً بالضرب المبرح وطعن بآلة جارحة في منطقة الرأس وفقا لتقرير الطب العدلي، وقد حمل أقارب وأصدقاء المتوفى مدير رواتب الشرطة الاتحادية اللواء عباس علي التميمي المسؤولية المباشرة عن وفاته، بعد أن أمر بإيداعه سجن “الجعيفر”، نتيجة مشاجرة حدثت معه داخل مجمع سكني في مدينة العامرية ببغداد، حيث تعرض للضرب والطعن على يد عدد من السجناء، مما اوقعه في غيبوبة استمرت لسبعة ايام حصل له معها فشل كلوي بسبب التعذيب القوي الذي تعرض له فيما طالب عضو لجنة تقصي الحقائق النائب حسين عرب مجلس القضاء الأعلى بسحب القضية من محققي الداخلية لأنها “تحولت إلى قضية رأي عام”، وفي الوقت ذاته استنكرت نقابة المهندسين هذه الحادثة وتوعدت بالقيام بالإجراءات اللازمة بحق المتهمين في قضية الاعتداء على المهندس بشير خالد.
جاء ذلك في ظل تكتم اعلامي كبير تحاول السلطات أن تسوقه مع انشغالاتها بالوقت نفسه بقضية اضراب المعلمين في عموم محافظات البلاد، واضراب قراء المقاييس في وزارة الكهرباء للمطالبة بحقوقهم المشروعة في ظل سكوت متعمد لتشريع قانون الخدمة المدنية الاتحادي الذي يطالب به معظم موظفي القطاع العام.
ومن المفارقات الغريبة هنا أن الشاب المرحوم المهندس بشير خالد كان جده هو أحد أهم مؤسسي كلية الشرطة العراقية المدعو اللواء نشأت بهجت البكري وهو احد كبار رجال الشرطة العراقية وصاحب تاريخ كبير بالإنجازات وله دراسات واصدارات عديدة في عالم الجريمة، يتم تدريسها في دول عديدة. ويعتبر احد مؤسسي نظام الشرطة في عدة دول عربية منها المملكة العربية السعودية، ليبيا، المغرب العربي واليمن.