لم امنح حياة بكل هذه الوفرة | أفضال أحمد سيد

من الشعر الباكستاني الحديث

ترجمة : هاني السعيد _ مصر

______________________

لم أُمنح حياةً بكل هذه الوفرة

وصلتني أنهاري عبر صفوف الأعداء

فشربتُ دائمًا بقايا حثالات الآخرين

اضطررتُ إلى التخلي عن موسم فارغ للأمطار

مَنْ ترك وصية لي

لم يمشِ حافي القدمين في الأمطار قط

لا أعرف ما إذا كان

هو نفسه

الذي كانت تحمله امرأة بين ذراعيها وهي تتوسل إلى الخيَّالة

والتي بقيت طوال حياتها تحاول حماية وجهها

من البخار المتصاعد من خياشيم الخيل

لا أعرف ما إذا كان

هو نفسه

الذي ربطته أمه في المهد بالحبال

***

أما أنا فقد كنت أقع مرارًا من مهدي

ومن حِجر أمي

لأنني ولدت في بئر

لم تُملأ قط بالماء

وبدأت العيش في بيت

مصنوع من ألواح قارب محطمة

صنعتُ قاربًا من البوص

وجدَّفته بمجاديف حجرية

***

على شاطئ مدينتها المهجور

زرعتُ محصولًا

وواحدًا حصدتُ

***

القمر العاجي

يحرس أزهار السوسن

بينما تراقب هي برطمانات زيتها وعسلها

***

لا أعرف

إن كانت هي التي اكتشفتْ القمر العاجي في سمائي

مثلما اكتشفتْ لي النجم القطبي

وحفرتْ القناة القديمة

***

أعرف

كيف يتحول أبوها

من بائع حُلي متجول إلى تاجر

كيف

وأنا متجه إليها في صالة الرقص لأطلب رقصة معها

أقف في طابور

أمام موزعي الصدقات وهم ينفخون البوق

***

على الرغم من

أنني ذلك الواقف

على الأدراج المبتلة

لسد طريق الشمس

حتى في اليوم

الذي يتحول فيه من يرى النار إلى حجر

***

إن نُقلتْ كومة العنب من الكرمة إلى الحوض،

ولم تُستنزف أوديتها،

لم يُجز صوفهم

فقل لها

إن سجينًا ما قد قُدِّم قربانًا لإلهٍ غاضب

وكانت تلك ساعة

تُلقي فيها الأمهات أبكارهن

أمام العجلات الحربية

إذ أُحضرتُ إلى مدينة محترقة

***

فالمدن الجيدة

هي التي تُعمَّر باسم البنات وتُحرق باسم الآلهة

أما البنات الجميلات

فهنَّ اللاتي يضعن باستمرار ثمار القطفة الأولى من المحصول

في الأيدي البارزة من المقابر المتآكلة

***

إذا كان الشعر يكفي الحب

لربطت طرفي البحر بشِعري

***

لكن صك العفو في يدي

وموظفو إلهها

يهدمون مأواي

***

أيمكن أن يصبح هذا البحر مغترَبي؟

ذلك الذي كان يؤكد لي أنني

ما دمت على ضفافه

سأحيا كبني آدم

***

لا أعرف متى تأتي وترسو تلك السفينة

التي سيشعل ربانها النار لأجلي

***

لا أعرف متى

تمنحني تلك الإلهة ربة هذه المدينة مباركتها

لأنني لم أكن مع أفراد جيشها

الذين شهدوا ليلة واحدة في خانات قوافلها

***

عندما تبث التفاحة رائحتها

بلا دعوات

وتفرز الأفعى سُمها

بلا لعنات

وتتأسس مدينة محترقة

بأحجار مدينة محترقة

سأعود إلى وطني

***

سوف يرتد هذا البحر

ويغمر البلاد

كعادة البحار

***

ستتبقى في مدينتها امرأة واحدة فقط

ستكون هي

وسيتبقى في مدينتها خَصيّ واحد

يمكن أن يكون أي إنسان

***

ربما

لم يكن في قلبها

شجرة توت

لكن قلبي

دودة قز

ها أنا قد انتزعت هذه الدودة من بطاقة هويتي

ومعها

أزحف

***

“الآن من ليس معي

فهو ضدي”

___________
* افضال أحمد سيد : شاعر ومترجم باكستاني مواليد 1946م الهند، يعتبر من شعراء الاردو الكلاسيكي والحديث.

* هاني السعيد : مترجم مصري، عن اللغة الاردية.

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.