أودعتُ رقائم روحي في تربة قبرها

علي بن نخي

 

على غيابِكِ أسندتُ ظهري

​وسألتُ الحديقةَ: هل مِتّ حقًا؟

يرافِقُني ظِلُّكِ –

الذي نسَيتيهِ فوق الجِدار.

يتضاعَفُ ويتغيّر

​في بيتٍ من ضوء

​​أحمِلُهُ طفلاً لا يملّ البكاء.

يغلي الشاي على نارٍ؛

أوقَدَها تأمُّلُكِ –

الذي احتجبَ في تجاعيدِنا.

يغلي الشاي تحت أنظارِنا –

​التي وَرِثَتْ من لِحاظِكِ؛

​​انكسار الزمن.

أشعّةُ الظهيرةِ تتموّجُ في فنائكِ

– بِخُلودٍ –
تتجذّرُ حرارةُ الصيفِ فينا

​كأنها ضحكتكِ الخجولة.

عندما أُعانِقُ أبنائي –

​الذين لم يولَدوا بعد

وأمسَحُ على رؤوسِهم؛

يَدُكِ تتخلّلُ شَعْري

​وتميلُ بوجهي

​​نحوَ فُستانكِ المُوَرّد.

***

كنتُ طِفلاً

​أُراقِبُ صمتَها

اليوم؛ أُراقِبُ نُحولَ العالَم –

​الذي يحملنا بصمتٍ واغتراب.

***

عندما تَمُسُّ قدميكِ جُرحَ الفِناء

يتحولُّ إلى حقلٍ من الضوء

في انهمار الماء على يديكِ؛

​شهُدتُ

بريقَ عيني.

غيابُكِ يُحرّك الكرسي

​يُرتّبُ الأوراقَ فوق طاولتي

​​​المترنحة ..

ينهمرُ ماؤكِ – في ليل العالم

​ويكشفُ براءةَ الغيب.

***

مُرتديًا سترةَ صوفٍ –

​مُثبّتةٌ أزرارها بخيطِ براءةٍ؛

أمحو معرفتي بالكتابة.

أصحو – على وقعِ مصباحكِ،

وهو يُحرك ظِلالاً في ماضٍ قديم ..

ها أنتِ؛ تُودِعينَ كفّي؛ بذور انتباهٍ

​من شاطئ حدسك

وها أنا ذا أجمعُ حصاداً

​في قنينةٍ صغيرةٍ

​​ثم أُقلّبُ تربة حقلنا

​​​الذي بلّلَهُ رذاذ الكون.

عند النافذةِ يهمسُ العالم ..

​يبعثُني طفلاً

مَيْتًا في الفراش

​تحفُّني جموع انكسارٍ غائبة ..

تفترِقُ المياه، فتجتمع ..

هكذا يتموّجُ الوقتُ في صحرائنا ..

هكذا تصعدُ وُعولٌ – فوقَ الهضاب،

​وتستغرقُ في هشاشة السماء – أعيننا.

علي بن نخي

شاعر ومترجم من الكويت

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.