صلاح نيازي يجلد التلفزيون العراقي : “عورة في تاريخ الفن”
نيازي مخاطبا رئيس الوزراء "اعطني تلفزيونا اعطك شعبا"
متابعة : أسرة التحرير _ مدار 24 |
بدعوةٍ من السفارةِ العراقيةِ في بريطانيا حيثُ أقيمَ حفلُ إعادة افتتاح المركز الثقافي في لندن، وذلك يوم الخميس 16/1/2025 وبالتوافق مع زيارة رئيس الوزراء العراقي لبريطانيا، حيث شهد الحفل حضورَ وفدٍ رفيعٍ من الحكومة العراقية متمثلاً برئيس الوزراء العراقي السيد محمد شياع السوداني، ووزير الخارجية العراقية ونائب رئيس مجلس الوزراء السيد فؤاد حسين، ووزير الثقافة الدكتور احمد فكاك البدراني، وكذلك حضور السفير العراقي في لندن السيد محمد جعفر الصدر، ومدير العلاقات العامة في السفارة الأستاذ علاء الناصري ومستشار رئيس الوزراء للشؤون الثقافية الدكتور عارف الساعدي.
وفي الحفل تحدث وزيرا الخارجية والثقافة وتطرقا إلى أهمية الثقافة والمثقفين ورواد المعرفة والقلم والعلوم المختلفة في المهجر أو ما عبرا عنهم بالقوى الناعمة في رفد الواقع العراقي وتدعيمه، ونوه وزير الخارجية العراقي إلى اعتقاده بأهمية وجود نحو مليون مهاجر عراقي في المملكة المتحدة ونحو 6 الى 8 مليون مهاجر عراقي في انحاء العالم.
وبعد انتهاء كلمة مقدم الحفل وكلمتي وزير الخارجية والثقافة تم تقديم الأديب الدكتور صلاح نيازي متحدثاً باسم الجالية العراقية، والذي جاء في كلمته مخاطبا السيد رئيس الوزراء العراقي بلهجة شديدة، حيث بدأ مداخلته بالمطالبة بتغيير النهج السياسي قائلا :
“غيروا السياسة إلى ثقافة…
نريدُ أن نتطلعَ إلى مسرحية، إلى أغنية، إلى برنامج جيد، إلى متى ؟ .. هذه السياسة..”
وتابع :
“أنا اذكرُ، لدي جماعة من الادباء الكبار اصيبوا بأمراض قلبية نتيجة متابعة التلفزيون وأنا شخصيًا أخذتُ درسي، فقلتُ لامتنع عن مراقبة التلفزيون واعكف على حفظ القاموس الإنكليزي، وبدأتُ بذلك حتى تعبتُ لدرجة تدمير الاعصاب، فترجمتُ يوليسيس لجيمس جويس لهذا السبب، لقد أنهيتُ فيها ثلاثة عشر سنة بعيدًا عن اجواء السياسة.”
ثم استرسل قائلا :
“سيدي الكريم، يوجد مشق السلفية في جوهر المجتمع العراقي، حيث أن عقليتنا عقلية شفائية، وليست عقلية تدوينية، وثمة فرق بين العقلية الإنكليزية والعقلية العراقية، فنحن حتى حينما نكتب إنما نكتب شفاهًا.
الشيء الاخر أن وزارة الثقافة مهتمة بالتعليم وليس بالتطوير، إذ أن القيم التي تُعطى للتلاميذ هي قيم تعليمية وليست تحضرية وهذا فرقٌ كبير.
والاهم من ذلك، كيف نحول هذا المجتمع عن الاهتمام بالتاريخ على حساب الجغرافيا، ففي أوربا الجغرافية أهو من التاريخ، إذ أن التاريخ يسبب لنا مشاكل كثيرة.
قبل اسبوع استمعتُ إلى خطيب في المسجد الاموي وإذا به يصرخ اقتلو الشيعة، اقتلوا العلويين، اقتلوا كذا…. وهذا ليس إلا نتيجة الاهتمام والوله بالتاريخ”
“فأنا اتمنى أن تندمج وزارة الثقافة مع وزارة الإعلام لنتوصل إلى نتائج مذهلة في المستقبل.
واذكر هنا -عفوا على الاطالة- الكاتب الياباني كاوا باتا عام 1920م حينما قرر مع بعض الادباء أن يقصوا التراث الياباني ويتجاهلوه ثم يتبنوا التراث الاوربي، وهذا له اهمية خطيرة، ثم أعيد وأكرر أن الجغرافيا والتاريخ هما سبب المشاكل في العراق.”
“أنا لدي اقتراحات أخرى وبودي أن تستفيدوا سيدي الكريم من خبرات الخارج، وحتى بريطانيا فعلى سبيل المثال المستشرقين الذين ذهبوا الى الاهوار كتبوا حتى عن روث الجاموس وفي كيفية الاستفادة منه للمزارعين.
فضروري ان نستفيد من تجارب الامم ونطبقها في مجتمعنا.”
“اختم مداخلتي بالتذكير بالنظرية التي يقول صاحبها “اعطني مسرحا اعطك شعبا” وأنا امتثل له بتواضع لأقول “اعطني تلفزيونا لأغير لك المجتمع”
الرجاء يا عزيزي يجب أن تنتبه إلى أن التلفزيون العراقي بات عورة في تاربخ الفن. …وشكراً جزيلا”
وقد طرح الشاعر والمترجم القدير الدكتور صلاح نيازي العديد من المشاكل بين يدي السيد رئيس الوزراء، وأشار إلى ضرورة إتباع نهج جديد يتولى إدارة الدولة برؤية ثقافية، حيث يواجه المشهد الثقافي العراقي تحديات جمة، إذ يعاني من الشللية والانتماءات الحزبية للمثقفين. كما يسيطر أدباء ذوو سجل غير نظيف في العهد الديكتاتوري البائد على مناصب مهمة في الحياة الثقافية، مما دفع بالعديد من الأدباء الوطنيين إلى الانسحاب من المساهمة في الحياة الثقافية. وقد انتقدت أصوات ثقافية نزيهة التعيينات التي وصفوها بـ”المخزية” في ما يتعلق بالثقافة، مثل تعيين أشخاص بلا أدنى مستوى من الكفاءة كمستشارين لرئيس الوزراء، وذلك دون لفت النظر للشخصيات المرموقة والتي يمكن أن تقدم المزيد من الخبرات.