فيوليت أبو الجلد || أنا وريثة الله وابنته الوحيدة

خاص | مدار 24

-1-

قليلٌ من الحب

لاشدّ قوس الجسد ،

لأرث الله

أنا ابنته الوحيدة

وأنتم أبناء فكرتي عنكم .

وحدي على هذا الكوكب

أكتب المزامير لأجيال تتوالى في رأسي،

أؤلّف القواميس

للباحثين في اللغة النار ،

في مجاز الجمر وتأويلات الحطب .

سأرث الله

أنا المرأة الأخيرة ،

ودّعت أسلافي بنظرة متعالية ،

بابتسامة شاحبة

غادرت صديقات يمرضن كل يوم

ويمتن كل فجأة .

أنا المرأة الأخيرة

سرقني قرصان سقط سهوًا من نصّ سابق،

راح يشد شراع القلب

بكثير من الحب

وراح يشد قوس الجسد طمعًا بسماء سابعة،

أنا وريثة الله وابنته الوحيدة .

-2-

لم أرتدِ ثوب زفاف ،

لم أخبز يديّ لأطفال ،

ولا مشيت في جنازة

مع أني ارتديت السواد طويلا

لأخفي امتلائي بالكلام ،

لأوهم المرآة بأني رشيقة كبيت شِعر ،

طويلة كسرب حمام.

جسدي معافى من الزمن ،

معفيّ من الأمومة ،

من التدخين ،

من المُسكرات والمنبهات ،

مسكون بالأشباح ،

بقصص الجان ،

بالوحوش اللطيفة والذئاب الهاربة.

رأسي الجميل يحلم بموت مبكر،

بانطفاء سريع ،

أن أكون وليمة للغياب ،

عروسًا لدمع من أحببتهم ،

قربانًا على مذبح حزنهم عليّ ،

قداسًا لتنهي الملائكة جدالها العقيم

مع شياطين الكتابة،

وليرتل الحاضرون بكاءهم الطويل

على حياتي القصيرة

ب” ليه يا بنفسج بتبهج وانت زهر حزين!

-3

أريد حديقة صغيرة

بيتاً يطلّ على الضحك من شرفته الشرقية،

من بوابته الخلفية ،على الطيش.

أريد عناقاً طويلا طويلا ،

عناقًا يطل على الموت.

وأريد هذه الموسيقى الآن ،

صوت الكمان الذي خرج من العناق

وأنا أكتب.

كل النايات التي فرّت من الموت

وأنا أبكي.

أريد عمراً قصيراً

يطلّ على الحب

ويمضي .

-4-

أريد أن أنفصل

عن المجانين في الشارع،

في البيت

في رأسي.

أريد غرفةً باردةً في دير مهجور

شمعتين ، سريراً ونافذة .

لحناً يقترب ثم يبتعد ثم يقترب .

قليلاً من القهوة على رفّ خجول ،

معطفاً معلقاً

وحذاءً وحيداً لا يصلح للطريق

لا للاعتذار،

حذاءً بيتياً لوحشة بريّة .

__________________

* فيوليت أبو الجلد : شاعرة لبنانية

مقالات قد تعجبك
اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.